هذه قسم من الله سبحانه بالليل والصُّبح ، كما أقسم بأشياء كثيرة ، على أن القرآن الكريم مُوحًي به من الله سبحانه بوساطة جبريل الأمين، إلى النبي صلّى الله عليه وسلم.
ومعنى عسعسَ الليل أقبل من أوله وأظلم، أو أدبر من آخره وولَّى، فهو من الأضداد التي تستعمل في الإقبال والإدبار، ومعنى تنفس الصُّبْح امتدّ حتى صار نهارًا واضِحًا فالله يقسم بالليل في ظلامه وبالصبح في نوره على أن القرآن حقّ من عنده سبحانه، فكأنه يقول: كما أن هناك فرقًا واضحًا بين الظلام والنور هناك فرق واضِح بين كلام الله وكلام غيره، فكلامه هو الحق، وكلام غيره هو الباطل الذي زعموه، وكلامه نور يهدي وكلام غيره ظلام يُضِلُّ.
أو كأنه يقول: إن الذي قَدَرَ على أن يمحو النهار بالليل، ويمحو الليل بالنهار، قَدَر على أن يجعل من محمد الأمي العادي رسولاً يتلقَّى الوحي ويبلغه، ويصير به معلمًا للإنسانيّة ما لم يكن تعلَّمَه من قبل، كما قال تعالى:( وأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الكِتابَ والحِكْمَةَ وعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظيمًا) (سورة النساء : 113) .