ذكر السيوطي في الإتقان (ج1 ص80) قول الزركشي أن هناك فرقًا بين القرآن والقراءات، فالقرآن وحي الله المنزَّل على الرسول للبيان والإعجاز، والقراءات اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف وكيفيّتها من تخفيف وتشديد وغيرهما. وذكر أن القراءات السبع متواترة عن الأئمة، أما تواترها عن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ ففيه نظر .
ثم ذكر قول أبي شامةَ عن ظنِّ البعض أنّ القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أُريدَتْ في الحديث ” أُنْزِلَ القرآنُ على سبعةِ أَحرُف ” وهو خِلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وإنّما يظن ذلك بعض أهل الجهل. ثم ذكر ما يفيد أن القراءات المدونة في الكتب يوجد غيرها.
فقال القراب في ” الشامي ” التمسُّك بقراءة سبعة من القُرّاء دون غيرهم ليس فيه أثر ولا سنة، وإنّما هو من جمع بعض المتأخّرين فانتشر، وأوهم أنّه لا يجوز الزيادة على ذلك، وذلك لم يقل به أحد.
وقال الكواشي: كل ما صحّ سنده واستقام وجهه في العربيّة ووافَق خط المصحف الإمام فهو من السبعة المنصوصة، ومتى فُقِدَ شرط من الثلاثة فهو من الشاذّ.
وقد اشتدّ إنكار أئمة هذا الشأن على مَن ظنَّ انحصار القراءات المشهورة في مثل ما في التيسير والشاطبيّة .
قال البغوي : اعلم أن الخارج عن السبع المشهورة على قسمين، منه ما يخالِف رسم المصحف فهذا لا شكَّ في أنه لا تجوز قراءته لا في الصلاة ولا في غيرها، ومنه ما لا يخالف رسم المصحف ولم تشتهر القراءة به وإنَّما ورد من طريق غريبة لا يُعوَّل عليها وهذا يظهر المنع من القراءة به أيضًا .
وقال الشوكاني في نيل الأوطار (ج2 ص245) : إذا تقرَّر لك إجماع أئمة السلف والخلف على عدم تواتر كل حرف من حروف القراءات ، وعلى أنه لا فرق بينها وبين غيرها إذا وافق وجهًا عربيًّا وصح إسناده ، ووافق الرسم ولو احتمالا بما نقلناه عن أئمة القراء تبين لك صحة القراءة في الصلاة بكل قراءة متّصفة بتلك الصفة سواء كانت من قراءة الصحابة المذكورين في الحديث أو من قراءة غيرهم، ثم ذكر الشوكاني مخالفة النويري لهذا الرأي ورد عليه.
والحديث المشار إليه هو ما رواه البخاري وغيره ” خُذوا القرآن من أربعة ” من ابن أم عبد ـ أي عبد الله بن مسعود وقد بدأ به ، ومعاذ بن جبل ، وأُبيّ بن كعب ، وسالم مولى أبي حُذيفة.
هذا ما نقلته عن الإتقان ونيل الأوطار، ولعلماء القراءات آراؤهم ، والأمر الخِلافي لا يجوز التعصّب لأي رأي فيه .