إن أبغض الحلال عند الله تعالى الطلاق، والذي جعل المرأة تصبر مدة من الزمن على أذى زوجها وإسائته من أجل أولاده أو غير ذلك، فلا زال السبب الدافع للصبر قائما وكائنا، واعلمي أيتها الزوجة أن الحب بالتحبب، والود بالتودد، كما في الأثر، فراجعي نفسك فربما كنت سببا في هذه المعاملة، من تقصير في حقه، أو إهمال في قضاء حوائجه، أو إغفال لنظام ونظافة بيته، أو إلى آخر هذه الأسباب، فإن لم تجدي سببا من ذلك، فاحتسبي أجرك عند الله تعالى، وصلي ركعتين قضاء الحاجة لله تعالى تلحين على الله تعالى في الدعاء أن يهديه الله تعالى لك، وأن يرزقك خيره ووده، وأن يرزقه خيرك وودك، وأن يجمع بينكما على خير دائما.
ولعلك بصبرك على أذى زوجك تنالين أجر آسية، التي صبرت على أذى زوجها فرعون ودعت ربها قائلة: (رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله، ونجني من القوم الظالمين).
وإذا قامت المرأة إلى الدعاء في كل صلاة للطلاق، فلتجعل بدلا من ذلك الدعاء لزوجها بالهداية والتوفيق، لقوله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون) .
وأخيرا: اعلمي أيتها المرأة أنه ما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله تعالى ثوبا منها، فبإسرارك الكراهية له، حتما ستكون أعمال الجوارح من لسان ويد فضلا عن النفسية متجاوبة مع هذه الكراهية المكنونة والمستورة، فقديما قيل: (ما فيك يظهر على فيك) وقيل أيضا: (إن الكلام لفي الفؤاد، وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا) فمن أسرت كراهية زوجها كيف تتجاوب معه نفسيا وعقليا ووجدانيا، ومن ثم يكون النفور ويكون الشقاق، ثم الشتم والأذى منه، فبدلي النية بالنية وانوي خيرا وودا لزوجك،ورعاية لأولادك ولنفسك بعد رعايتك لله تعالى، والله نسأل أن يرزقك خيره ووده، وأن يصرف عنكما السوء، وأن يصلح ذات بينكما، وأن يرزقكما سعادة الدارين، حتى ينعم أولادكما بظلال وفاقكما الوارفة.