إذا كانت عيادة المريض الكافر مشروعة، وربما كانت قربة وعبادة، فمن باب أولى أن تكون مشروعة في حق المسلم العاصي.
وذلك أن الأحاديث التي أمرت بعيادة المريض وجعلتها من حق المسلم على المسلم، لم تخص بها أهل الطاعة والصلاح من غيرهم، وإن كان حقهم أوكد.
قال الإمام البغوي في (شرح السنة ) بعد ذكر حديث أبى هريرة في (الحقوق الستة) للمسلم على المسلم، وحديث البراء بن عازب في (السبع ) المأمور بها : (هذه المأمورات كلها من حق الإسلام، يستوي فيها جميع المسلمين برهم وفاجرهم، غير أنه يخص البر بالبشاشة والمساءلة والمصافحة، ولا يفعلها في حق الفاجر المظهر للفجور ). (شرح السنة ط المكتب الإسلامي بتحقيق شعيب الأرناؤوط 5 / 211، 212).
واستثنى بعض العلماء المبتدعين، فلا يعادون (المبدع في شرح المقنع لابن مفلح الحنبلي 2/ 215)، إظهار للبغض في الله.
والذي نرجحه أن بدعة هؤلاء أو معصية أولئك لا تخرجهم من دائرة الإسلام، ولا تحرمهم من حق المسلم على المسلم، وقد تكون عيادتهم دون ترقب منهم ولا توقع وخصوصًا من مسلم صالح أو عالم أو داعية – سفير خير، ورسول صدق، إلى قلوبهم،، فتنشرح صدورهم بعد ذلك لتلقى الحق، واستماع الكلمة الطيبة، والإنسان أسير الإحسان، وكما شرع الإسلام تألف قلوب بعض الناس بالمال، فلا غرو أن يشرع تألف آخرين بالبر واللطف وحسن المعاشرة، وهذا أمر جربه الدعاة الصادقون، ففتح الله لهم به كثيرًا من القلوب المغلقة.
قال العلماء : (ويستحب أن يعم بعيادته الصديق والعدو، ومن يعرفه ومن لا يعرفه، لعموم الأحاديث ) (المجمع للنووي 5 / 111، 112).