يقصد المالكية بمساجين الإمام من يجب عليه اتباع الإمام ويحرم عليه قطع الصلاة، مع أن صلاته باطلة، وذكروا أن مساجين الإمام أربعة أشخاص:
-من تذكر وهو في صلاة الصبح أنه لم يصل الوتر ففي هذه الحالة يعد من مساجين الإمام.
-ومثله من تذكر أثناء الصلاة أنه لم يصلِّ صلاة مفروضة.
-ومن لم يكبِّر تكبيرة الإحرام وكبَّر للركوع فإن صلاته باطلة لعدم تكبيره تكبيرة الإحرام ولكنه لا يستطيع أن يخرج من الصلاة إلا بعد سلام الإمام.
-والحالة الرابعة من قهقه في الصلاة فإن الصلاة تبطل بالقهقهة، ويعد هذا الضاحك من مساجين الإمام.
تفصيل مذهب المالكية:
جاء في كتاب “بلغة السالك لأقرب المسالك” في فقه المالكيّة للعلامة الصاوي أن العلامة التتائي نظم بعض مساجين الإمام في بيتين هما:
إِذَا ذكرَ الْمَأْمُومُ فَرْضًا بِفَرْضِهِ***أَوِ الْوَتْرِ أو يَضْحَكْ فَلا يُقطعُ الْعَمَل
يتمِّمُها في الكلِّ خلْفَ إمَامِـهِ***وَيَأْتِي بِهَا في غَيْرِ وَتْرٍ بِلا كَــسَل
وجاء في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني [بتصرف]:
مساجين الإمام أربعة عدوا منها من ذكر الوتر خلف الإمام في صلاة الصبح…ومنها من ضحك في الصلاة مع الإمام ولم يقدر على الترك ، ومنها من لم يكبر تكبيرة الإحرام ، وإنما كبَّر قاصدا بتكبيره الركوع ، ومنها من نفخ في الصلاة عمدا أو جهلا خلف الإمام ، ذكر الجميع العلامة الأجهوري. أهـ
نسيان تكبيرة الإحرام:
من لم يكبر تكبيرة الإحرام وكبَّر للركوع فعند مالك يتم صلاته مع إمامه ثم يعيدها لأنها لا تجزئه، جاء في المدونة:
“قال مالك فيمن دخل مع الإمام في صلاته فنسي تكبيرة الافتتاح قال: إن كان كبَّر للركوع ينوي بذلك تكبيرة الافتتاح أجزأته صلاته، وإن لم ينو بتكبيرة الركوع تكبيرة الافتتاح فليمض مع الإمام حتى إذا فرغ الإمام أعاد الصلاة.”
مواقف باقي المذاهب من مساجين الإمام:
الحالة الأولى:
تذكر عدم صلاة الوتر أثناء صلاة الصبح، ذهب الحنفية إلى قطع المأموم صلاة الصبح لأنها فاسدة عندهم، وجمهور أهل العلم على أن صلاة الوتر تقضى لما أخرجه الحاكم وصححه على شرط البخاري ومسلم: “إذا أصبح أحدكم ولم يُوتر فليوتر”.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
لو صلى الصبح وهو ذاكر أنه لم يصل الوتر فصلاة الصبح فاسدة عند أبي حنيفة لوجوب الترتيب بين الوتر والفريضة. ولا يقضي الوتر عند المالكية إذا تذكره بعد أن صلى الصبح. فإن تذكره فيها ندب له إن كان منفردا أن يقطعها ليصلي الوتر ما لم يخف خروج الوقت، وإن تذكره في أثناء ركعتي الفجر فقيل: يقطعها كالصبح، وقيل: يتمها ثم يوتر. وذهب طاوس إلى أن الوتر يقضى ما لم تطلع الشمس.
وذهب الحنابلةإلى أنه يقضي الوتر إذا فات وقته، أي على سبيل الندب لقول النبي ﷺ: {من نام عن الوتر أو نسيه فليصله إذا أصبح أو ذكره} قالوا: ويقضيه مع شفعه.
والصحيح عند الشافعية: أنه يستحب قضاء الوتر وهو المنصوص في الجديد ويستحب القضاء أبدا لقول النبي ﷺ: {من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها}. والقول الثاني: لا تقضى وهو نصه في القديم.
الحالة الثانية:
تذكر المأموم أثناء صلاته للفريضة أنه لم يصلِّ فريضة قبلها، بحث الفقهاء هذه المسألة في قضاء الفائتة مع الحاضرة، فالعلماء على أنه يصلي الحاضرة، ثم بعد ذلك يعيد الفائتة ويستحب له إعادة الحاضرة على غير قول المالكية. أما المالكية فيوجبون عليه الإعادة كما تقدم.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن الترتيب بين الفوائت وبين فرض الوقت واجب، وبه قال النخعي والزهري وربيعة ويحيى الأنصاري والليث وإسحاق، وعن ابن عمر رضي الله عنهما ما يدل عليه، واستدلوا بقول النبي ﷺ: {من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها}، وفي بعض الروايات: {من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها}، فقد جعل وقت التذكر وقت الفائتة، فكان أداء الوقتية قبل قضاء الفائتة أداء قبل وقتها، فلا يجوز وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: {إذا نسي أحدكم صلاته فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فليصل مع الإمام، فإذا فرغ من صلاته فليصل الصلاة التي نسي، ثم ليعد صلاته التي صلى مع الإمام}، وروى أحمد {أن النبي ﷺ صلى المغرب عام الأحزاب, فلما فرغ قال: هل علم أحد منكم أني صليت العصر ؟ قالوا: يا رسول الله، ما صليتها، فأمر المؤذن فأقام الصلاة فصلى العصر، ثم أعاد المغرب}، وقد قال: {صلوا كما رأيتموني أصلي} وكالمجموعتين…
وأما الترتيب بين مشتركتي الوقت فواجب وجوب شرط وذهب الشافعية والمالكية في قول إلى أن الترتيب في قضاء الصلوات بين فريضة الوقت والمقضية مستحب، فإن دخل وقت فريضة وتذكر فائتة، فإن اتسع وقت الحاضرة استحب البدء بالفائتة، وإن ضاق وجب تقديم الحاضرة، ولو تذكر الفائتة بعد شروعه في الحاضرة أتمها، ضاق الوقت أم اتسع، ثم يقضي الفائتة، ويستحب أن يعيد الحاضرة بعدها.
الحالة الثالثة:
من لم يكبر تكبيرة الإحرام وكبَّر للركوع فعند مالك يتم صلاته مع إمامه ثم يعيدها لأنها لا تجزئه، جاء في المدونة:
“قال مالك فيمن دخل مع الإمام في صلاته فنسي تكبيرة الافتتاح قال: إن كان كبَّر للركوع ينوي بذلك تكبيرة الافتتاح أجزأته صلاته، وإن لم ينو بتكبيرة الركوع تكبيرة الافتتاح فليمض مع الإمام حتى إذا فرغ الإمام أعاد الصلاة.”
وجمهور العلماء على أن تكبيرة الإحرام من أركان الصلاة لقوله تعالى(وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) [المدثر/3] والجمهور على أفضلية مقارنة النية لتكبيرة الإحرام، وجوّز الحنفية والمالكية أن تسبق النية التكبير.
أما تأخر النية عن التكبير تجعل الصلاة باطلة، ومن لم يكبِّر لتكبيرة الإحرام فإن الصلاة لا تنعقد في الأصل، وعند الجمهور يستأنف الصلاة؛ لأنَّه غير مصلٍ.
فإذا أدرك المأموم الإمام راكعاً فليأت أولاً بتكبيرة الإحرام ، ثم بعد ذلك يكبر تكبيرة ثانية للركوع، ومن أهل العلم من قال: يكتفى بتكبيرة الإحرام فقط.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
أما إذا تأخرت النية عن تكبيرة الإحرام فلا تجزئ التكبيرة، وتكون الصلاة باطلة ; لأن الصلاة عبادة وهي لا تتجزأ ولو جاز تأخير النية لوقع البعض الذي لا نية فيه غير عبادة وما فيه نية عبادة فيلزم التجزؤ. بهذا قال الحنفية والمالكية..
وقد اتفق الفقهاء على أن من ترك ركنا من أركان الصلاة عمدا فإن صلاته تبطل، ولا تصح منه.
وأما تركه سهوا أو جهلا فقد اتفقوا على أنه يجب عليه أن يأتي به إن أمكن تداركه، فإن لم يمكن تداركه فإن صلاته تفسد عند الحنفية، أما الجمهور فقالوا: تلغى الركعة التي ترك منها الركن فقط وذلك إذا كان الركن المتروك غير النية وتكبيرة الإحرام، فإن كانا هما استأنف الصلاة ; لأنه غير مصل
وجاء في المجموع شرح المهذب من كتب الشافعية:
ذكرنا أن تكبيرة الإحرام لا تصح الصلاة إلا بها، فلو تركها الإمام أو المأموم سهوا أو عمدا لم تنعقد صلاته ولا تجزئ عنها تكبيرة الركوع ولا غيرها، هذا مذهبنا، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وداود والجمهور.
وقالت طائفة: إذا نسيها فيها أجزأته عنها تكبيرة الركوع، حكاه ابن المنذر عن سعيد بن المسيب والحسن البصري والزهري وقتادة والحكم والأوزاعي، ورواية عن حماد بن أبي سليمان. قال العبدري وروي عن مالك في المأموم مثله، لكنه قال: يستأنف الصلاة بعد سلام الإمام.
الحالة الرابعة القهقهة في الصلاة:
جمهور الفقهاء على أن القهقهة تبطل الصلاة ولا تنقض الوضوء، وزاد الحنفية أنها تبطل الوضوء، غير أن المالكية تفردوا بأن من يقهقه يعد من مساجين الإمام.