هل في تعدد الزوجات ظلم :
وهل أساء إليها حينما تزوج عليها؟ وهل نقص حبه لها بعد أن تزوج عليها؟
ألم يكن يقول : يارب : هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما لا أملك؟ يقصد شدة ميله لعائشة.
أليس هو القائل فيما رواه البخاري ومسلم (أحب الناس إلي عائشة، ومن الرجال أبوها).
ألا فلتعلمي أختنا الفاضلة أن الحب ليس قطعة حطب تحترق مرة واحدة…. لا ، ولكن القلب لديه القدرة على أن يحب مرة ومرات، والحب اللاحق لا ينسخ الحب السابق، والمراد أن خطبة الزوج ليست خيانة لك.
حكم الزواج بزوجة ثانية :
للرجل إذا لم يكتف بزوجة واحدة ووجد نفسه يتطلع لأخرى، وحتى لا يقع في معصية الزنا والانشغال عن واجباته الدنيوية والدينية بكثير النظر والتفكر في غير زوجته؛ والله تبارك وتعالى يعلم حاجة الرجل “ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير” ، خاصة إذا كانت زوجته لا تقدر على إشباع رغباته أو تطول أيام حيضتها، أو تكون مريضة، أو تكون غير محبة للقيام بهذا الأمر، عند ذلك لا يجد الرجل ضرورة إلا أن يتزوج بامرأة اخرى.
وقد أباح الله عز وجل للرجل أن يتزوج على زوجته، ويكفيه أنه وهو في إمكانه أن يطلق زوجته ويتزوج بامرأة أخرى، أن يبقي زوجته الأولى وأن يضم إليها زوجة أخرى، وان ينفق عليها، وأن يعدل بينهما، فعند ذلك له الحق ولا يحتاج لموافقة زوجته الأولى، ورغم هذا ننصح الرجل أن يكون قد اتفق مع زوجته الأولى، وبين لها هذه الأسباب.
ورغم أن تعدد الزوجات أباحه الدين، فإن في تاريخ السنة: أن عليا (رضي الله عنه) أراد أن يتزوج على فاطمة بنت رسول الله (ﷺ)، وكان علي (رضي الله عنه) قد رغب في الزواج من بنت أبى جهل، فلم يرضَ النبي ﷺ عندما علم بذلك، وعندما أراد علي أن يفعل ذلك، بين النبي السبب وهو ألا يجتمع تحت رجل واحد بنت رسول الله وبنت أبي جهل عدو الله، ولكن عندما توفت السيدة فاطمة تزوج علي بأكثر من امراة، وجمع بين أكثر من امرأة؛ لأن المبرر لم يعد قائما، ومن هذه القصة نعلم أن عليا لم يقم بالزواج إلا بعد الاستئذان، وهذا من باب حسن السلوك، وليس واجبا، ولا فرضا شرعيا، ولكن تأسيا بعلي (رضي الله عنه) ومن مثل هذه الواقعة ندرك أنه يحسن للزوج أن يبين لزوجته وأن يخبرها بالأسباب؛ لتعينه على أن تستمر معه، ولكن ليس حقا لها، ولا تملك منعه .انتهى.
أراء الفقهاء في حكم طلب الطلاق لعدم النفقة :
ذهب الامام مالك والشافعي وأحمد إلى جواز التفريق لعدم النفقة بحكم القاضي إذا طلبته الزوجة ، وليس له مال ظاهر ، واستدلوا لمذهبهم هذا بما يأتي :
1 – أن الزوج مكلف بأن يمسك زوجته بالمعروف أو يسرحها ويطلقها بإحسان ، لقول الله سبحانه : ” فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ” . ولا شك أن عدم النفقة ينافي الامساك بمعروف .
2 – أن الله تعالى يقول : ” ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ” . والرسول : يقول : ” لا ضرر ولا ضرار . وأي إضرار ينزل بالمرأة أكثر من ترك الانفاق عليها . وإن على القاضي أن يزيل هذا الضرر .
3 – وإذا كان من المقرر أن يفرق القاضي من أجل العيب بالزوج فإن عدم الانفاق يعد أشد إيذاءا للزوجة وظلما لها من وجود عيب بالزوج ، فكان التفريق لعدم الانفاق أولى . وذهب الاحناف إلى عدم جواز التفريق لعدم الانفاق سواء أكان السبب مجرد الامتناع ام الاعسار والعجز عنها ودليلهم في هذا :
– أن الله سبحانه قال : ” لينفق ذو سعة من سعته ، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ، لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسرا يسرا ” . وقد سئل الامام الزهري عن رجل عاجز عن نفقة زوجته : أيفرق بينهما ؟ قال : تستأني به ، ولا يفرق بينهما ، وتلا الآية السابقة .
– أن الصحابة كان منهم الموسر والمعسر ، ولم يعرف عن أحد منهم أن النبي ﷺ فرق بين رجل وامرأته ، بسبب عدم النفقة لفقره وإعساره .
– وقد سأل نساء النبي ﷺ النبي ما ليس عنده ، فاعتزلهن شهرا ، وكان ذلك عقوبة لهن ، وإذا كانت المطالبة بما لا يملك الزوج تستحق العقاب ، فأولى أن يكون طلب التفريق عند الاعسار ظلما لا يلتفت إليه.
4 – قالوا : وإذا كان الامتناع عن الانفاق مع القدرة عليه ظلما ، فإن الوسيلة في رفع هذا الظلم هي بيع ماله للانفاق منه ، أو حبسه حتى ينفق عليها ، ولا يتعين التفريق لدفع هذا الظلم مادام هناك وسائل أخرى ، وإذا كان كذلك فالقاضي لا يفرق بهذا السبب لان التفريق أبغض الحلال إلى الله من الزوج صاحب الحق ، فكيف يلجأ القاضي إليه مع أنه غير متعين ، وليس هو السبيل الوحيدة لرفع الظلم . هذا إذا كان قادرا على الانفاق ، فإن كان معسرا فإنه لم يقع منه ظلم لان الله لا يكلف نفسا إلا ما آتاها.