نضرب أمثلة لبعض ألفاظ الطلاق وحكم وقوع الطلاق بها وحكم طلاق الغضبان:
1 ـ لو وعد الرجل زوجته بأن لا يضربها أبدا، وقال: علي اليمين لن أضربك مرة أخرى، لا يقع طلاقه، وإنما عليه كفارة يمين إن ضربها، ويكون آثما في الضرب ما لم يكن لديه مبرر يبيح له الضرب شرعا، ولا يكون الضرب مباحا إلا بعد الوعظ والهجر في الفراش دون جدوى، إن كانت نشازا، حتى لو كان المقصود بأنه سوف تكون طالقا لو ضربها، وذلك لأن هذه الكلمة ليست طلاقا صريحا، وفي نفس الوقت هي من صيغ اليمين.
2- لو قال الرجل لزوجته أنت طالق بالثلاثة، وكان غاضبا وردد هذا أكثر من مرة في نفس الوقت وكان يقول أنت طالق طالق وأقول ذلك وأنا في كامل قواي العقلية :
فهذا طلاقه واقع لا محالة، وذلك لأنه يدرك ويعي ما يقول، ولا يؤثر غضبه على الطلاق، فلا يمنع وقوعه، وذلك لأن الغضب الذي يمنع وقوع الطلاق إنما هو الغضب الذي يصل إلى درجة غياب الوعي والتمييز بحيث يلغى معه العقل حتى إذا ما ذهب الغضب لم يذكر ما قاله، وهو الذي ورد في قول النبي ﷺ : ” لا طلاق في إغلاق “، أما الغضب العادي فلا يمنع مهما كانت درجته ما لم يصل إلى درجة الإغلاق.
إذ ليس من أحد يطلق إلا وهو غاضب غالبا ، فلم نسمع عن أحد أنه طلق وهو فرح أو مسرور.
ولكن هل يقع عليه طلقة واحدة رغم تكرار الطلاق وقوله ثلاثا؟ أم تقع طلقات ثلاثة؟
اختلف في ذلك الفقهاء :
والذي نراه أنه لو كان نادما على الطلاق، ويريد أن يراجع زوجته، لأن لديه رغبة شديدة فيها، فيمكن الأخذ بالرأي القائل بوقوع طلقة واحدة؛ شريطة أن يتعهد بضبط نفسه وعدم اللجوء إلى الطلاق بعد ذلك، وخاصة إذا كان بينهما ولد.
أما إذا كان زاهدا فيها وليس لديه رغبة قوية، ويغلب على ظنه أنه سيطلقها عند حدوث مشكلة مشابهة، وأنه لن يملك نفسه عند الغضب، فيحسب عليه ثلاث طلقات وتكون بائنا منه بينونة كبرى، لا يحل له معها أن يراجعها، ولا أن يعقد عليها. وخاصة إذا لم يكن بينهما ولد.
ونكرر أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، ما لم يصل إلى حالة الإغلاق، فما دام الزوج يعي ما يقول، ويتذكره بعد ذهاب الغضب، فهو مؤاخذ بطلاقه.
3- لو قال الرجل لزوجته: أنت طالق ثلاثا إذا نطقت بكلمة واحدة حتى اليوم التالي. وبعد دقائق قالت أستغفر الله. فهذا طلاق معلق، وحكمه أنه إذا كان يقصد الكلام المتعارف عليه، وهو الذي يكون بين الناس ولا يدخل فيه الذكر، فلا يقع الطلاق بالاستغفار، لأنه لا يكون داخلا في الكلام الذي علق الطلاق عليه.
وإذا كان يقصد أي كلام أو لم يحدد: فإن كان يقصد الطلاق بالفعل إذا تكلمت فالطلاق قد وقع عند قولها: أستغفر الله. وإن كان يقصد التهديد ومنعها من الكلام ولا يقصد الطلاق فالجمهور يقولون بوقوع الطلاق أيضا، ولم يخالف في ذلك إلا ابن تيمية رحمه الله تعالى.