استخدام العقاب البدني في التربية في المنزل أو المدرسة لا يطلق عليه أنه مباح مطلقاً أو أنه ممنوع مطلقاً، إذ أن الأصل أن تستخدم أساليب النصح والتوجيه، أو التقريع والتوبيخ، ولكل حالة من هذه الحالات مقتضياتها.
فالأصل الرفق، ومن هنا كان النبي ﷺ يقول كما في حديث عائشة رضي الله عنها: “ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه” رواه أحمد ومسلم.
وما ذكره أنس رضي الله عنه حين قال: خدمت النبي ﷺ عشر سنين، فما قال لي لشيء فعلته لم فعلت كذا؟ ولا لشيء لم أفعله لم لم تفعل كذا؟.
ولكن قد يأتي الضرب في مرحلة من المراحل عندما تستنفذ الوسائل الرادعة، لكن ضرب تأديب لا ضرب تشف من الغيظ، والدليل على جواز الضرب قول الله تعالى في شأن المرأة الناشز الخارجة عن طاعة الزوج: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) [النساء:34].
وقال عليه الصلاة والسلام: “مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر” رواه أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بإسناد صحيح.
إذن فهو ليس أصلاً في التربية، لكنه من باب: آخر الدواء الكي.
وأهل العلم يقولون بجواز ضرب الأب أو الأم أولادهما للتأديب، ولهم على ذلك أدلة منها: قوله ﷺ: “مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع” رواه أبو داود.
فأمر النبي ﷺ بضربهم لترك الصلاة، وفي هذا الضرب تأديب لهم، ولكن أهل العلم يقولون: إن ضرب التأديب مقيد بوصف السلامة، ومحله في الضرب المعتاد كماً وكيفاً ومحلاً.
فينبغي للأب أو الأم عند ضرب الأولاد مراعاة الأمور الآتية:
أولاً: لا ينبغي الزيادة على عشر ضربات، لقوله ﷺ: “لا يجلد فوق عشر جلدات، إلاَّ في حدٍ من حدود الله” رواه البخاري ومسلم وغيرهما، واللفظ للبخاري.
ثانياً: لا يضرب الوجه، لقوله ﷺ: “إذا ضرب أحدكم، فليجتنب الوجه، ولا يقل قبح الله وجهك” رواه أحمد، وهو في الصحيحين بألفاظ أخرى.
ثالثاً: لا يضرب في مكان مؤلم أو متلف: المذاكير، أو البطن، أو ما شابه ذلك.
رابعاً: أن لا يؤدب وهو غضبان، لأن الغضب قد يخرج صاحبه عن السيطرة على نفسه، فمن ضرب أولاده لتأديبهم ملتزماً بالضوابط المذكورة، فلا إثم عليه.
وأما تعدي الحدود في ضرب الأولاد، فلا يجوز، وعلى الوالد أن يتجنب أسباب الغضب، وأن يستعيذ بالله من الشيطان وقت الغضب، كما أرشد إلى ذلك النبي ﷺ.