يقول فضيلة الدكتور أحمد طه ريان -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر:
القرآن الكريم هو كلام رب العالمين، لا يشبهه شيء من كلام الخلق، وهو معجزة الإسلام الخالدة الباقية إلى يوم الدين فهو معجز في لفظه ونظمه، وأسلوبه وبلاغته، وصدق الله العظيم إذ يقول: “قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا” فيه آيات “بينات” وحكم “بالغات” ورحمة للمؤمنين وشفاء لما في الصدور من أمراض الجهالات والضلالات قال تعالى: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) من علم علمه سبق، وممن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه فقد هدى إلى صراط مستقيم.
قال تعالى: “ما فرطنا في الكتاب من شيء”، وقال تعالى: “ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء”.
وقد أجمع المسلمون على وجوب تعظيم القرآن وتنزيهه وصيانته وتوقيره وإجلاله واحترامه والتأدب في تلاوته وسماعه بالأدب القويم. وأجمعوا على أن من استخف بالمصحف أو شيء منه أو وضعه موضعا لا يليق به أو وابتذله بالجلوس عليه أو داسه أو داس شيئا فيه حديث من أحاديث رسول الله ـ ﷺ ـ أو داس شيئا فيه ذكر الله عز وجل فإنه يكفر فيستتاب، فإن تاب ورجع عما فعله وإلا قتل كفرا؛ لأن تعظيم المصحف واجب على كل مسلم.
ومن تعظيم المصحف وصيانته أن لا يمس القرآن إلا طاهر لقوله تعالى: “لا يمسه إلا المطهرون”، وأما قول ابن عباس وغيره إن “المطهرون” في الآية الكريمة المراد بهم الملائكة فهو لا ينفي ذلك؛ فالمطهرون هم المطهرون من الحدث الأكبر والأصغر، فقد ورد في كتاب رسول الله ـ ﷺ ـ لعمرو بن حزم “لا يمس القرآن إلا طاهر” وهو حديث متصل الإسناد وتلقته الأمة بالقبول، قال الزركشي: إذا كتب شيء من القرآن فإنه يأخذ حكم القرآن في وجوب صيانته والمحافظة عليه وإجلاله كالقرآن سواء بسواء، فيحرم ابتذاله وإهانته، وكذلك حديث رسول الله ـ ﷺ ـ ولو تلف شيء من المصحف أو المصحف بكماله فإنه يدفن صيانة له فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يدفنون المصاحف إذا تلفت.
ولهذا فلا يجوز لف شيء بما فيه قرآن أو ذكر أو حديث لما في ذلك من الإهانة والابتذال، ولما كان أوراق النتائج يرمى بها وقد تداس بالأقدام أو تلقى في الأماكن القذرة وما شابه ذلك، فلا يجوز كتابة شيء من الآيات أو الأحاديث النبوية الشريفة وذكر الله لما فيه من الإهانة والابتذال أو فيه مظنة ذلك فلا يجوز شرعا.