ورد عن النبي ﷺ أنه كان يصلي على راحلته النوافل على أي جهة توجهت به دابته، أما الفريضة فكان ينزل من على راحلته ويتوجه للقبلة ، ولم يستثن العلماء صلاة الفريضة في وسائل المواصلات إلا للضرورة ، ويشترط التوجه للقبلة ، وأداء حركاتها ، والاطمئنان فيها ، ويمكنه صلاة السفر بجمعها تقديما أو تأخيرا .
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:” كان رسول الله ﷺ يصلي على راحلته حيث توجهت فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة” ( أخرجه البخاري في كتاب الصلاة ، ومسلم في كتاب المساجد) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:” كان النبي ﷺ يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماءً صلاة الليل إلا الفرائض، ويوتر على راحلته” (أخرجه البخاري في كتاب الصلاة ، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين) .
قال الحافظ رحمه الله: “وقد أخذ بمضمون هذه الأحاديث فقهاء الأمصار، إلا أن أحمد وأبا ثور كانا يستحبان أن يستقبل القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة” (فتح الباري ) .
وأما الفريضة فلا بد أن ينزل ويستقبل القبلة إلا من عذر، قال ابن بطال: “أجمع العلماء على اشتراط ذلك، وأنه لا يجوز لأحد أن يصلي الفريضة على الدابة من غير عذر، حاشا ما ذكر في صلاة شدة الخوف” ( فتح الباري ).
ومن الأعذار أيضًا أن يكون المسافر على ظهر سفينة أو على متن طائرة، فإنه يجوز له والحالة هذه أن يصلي عليها الفريضة، ويلزمه استقبال القبلة طيلة صلاته حتى ولو تحولت السفينة أو الطائرة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
حكم الصلاة فيما إذا تغير اتجاه الطائرة أن يستدير المصلي في أثناء صلاته إلى الاتجاه الصحيح، كما قال ذلك أهل العلم في السفينة في البحر أنه إذا تغير اتجاهها فإنه يتجه إلى القبلة ولو أدى ذلك إلى الاستدارة عدة مرات، والواجب على قائد الطائرة إذا تغير اتجاه الطائرة أن يقول للناس: قد تغير الاتجاه فانحرفوا إلى الاتجاه الصحيح، هذا في صلاة الفريضة أما النافلة فلا يشترط ذلك لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فلا يصلي الفريضة في الطائرة إلا إذا كان يتمكن من الاتجاه إلى القبلة في جميع الصلاة، ويتمكن أيضًا من الركوع والقيام والقعود والسجود.
إذا كان لا يتمكن من ذلك فإنه يؤخر الصلاة حتى يهبط في المطار فيصلي على الأرض، فإن خاف خروج الوقت قبل الهبوط أخرها إلى وقت الثانية إن كانت مما يجمع إليها كالظهر مع العصر والمغرب مع العشاء، فإن خاف خروج وقت الثانية صلاهما قبل أن يخرج الوقت على متن الطائرة، يفعل ما يستطيع من شروط الصلاة وأركانها وواجباتها.
مثلاً: لو أقلعت الطائرة قبيل غروب الشمس وغابت الشمس وهو في الجو فإنه لا يصلي المغرب حتى تهبط في المطار، وينزل فيصلي على الأرض، فإن خاف خروج وقت المغرب أخرها إلى وقت العشاء فصلاهما جمع تأخير بعد نزوله، فإن خاف خروج وقت العشاء وذلك عند منتصف الليل صلاهما قبل أن يخرج الوقت.
وكيفية صلاة الفريضة في الطائرة: أن يقف ويستقبل القبلة فيكبر ويقرأ الفاتحة وما تسن قراءته قبلها من الاستفتاح أو بعدها من القرآن، وإن لم يعلم القبلة ولم يخبره بها أحد يثق به اجتهد وتحرى وصلى حيث يكون اجتهاده، ثم يركع ثم يرفع من الركوع ويطمئن قائمًا، ثم يسجد ثم يرفع من السجود ويطمئن جالسًا، ثم يسجد الثانية، ثم يفعل كذلك في بقية صلاته، فإن لم يتمكن من السجود جلس وأومأ بالسجود جالسًا.
تكون صلاة المسافر في الطائرة قصرًا فيصلي الرباعية ركعتين كغيره من المسافرين” (إعلام المسافرين ) .أ.هـ