من المعلوم أن عقد الزواج يُشترط في صحته تمييز المتعاقدَين، فإن كان أحدهما مجنونًا أو صغيرًا لا يُميز فإن الزواج لا ينعقد، وهنا يكون للوليَّ الحق في عقد الزواج، فالصغيرة إن كانت مميِّزة لا بد من استئذانها وموافقتها، أما إن كانت غير مُمَيِّزة فإنه يجوز للأب والجد تزويجها بغير إذنها؛ لأن الغالب أنهما يَرْعيانها ويريدان لها الخير، وقد زوج أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- ابنته عائشة من الرسول -ﷺ- وهي صغيرة دون إذنها، حيث لم تكن في سنٍّ يُعتبر فيها إذنها، وليس لها الخيار إذا بلغت، فكان سنها ست سنوات.
ومن أجل هذا استحب الشافعية ألا يزوِّجها الأب أو الجد حتى تبلغ ويستأذنها، ولا يجوز لغير الأب والجد أن يزوِّج الصغيرة كما رآه الجمهور، فإن زوَّجها لم يصحَّ الزَّواج، لكنَّ أبا حنيفة وجماعة من السلف أجازوا لجميع الأولياء وقالوا بصحة الزَّواج، ولها الخيار إذا بلغت، وذلك لما روي أن النبي -ﷺ- زوَّج أمامة بنت حمزة -وهي صغيرة- وجعل لها الخيار إذا بلغت، وهو لم يزوِّجْها بوصْفه نبيًّا، بل لأنها قريبته وهو وليُّها لأنها بنت عمه، ولو زوَّجها بوصفه نبيًّا لم يكن لها الخيار، كما قال تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [سورة الأحزاب : 36] وقال بهذا الرأي عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وأبو هريرة.