يقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوم شيخ المسجد الزينبي بالقاهرة:
يقول الله تعالى (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنًا إلا خطئا ومن قتل مؤمنًا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليمًا حكيمًا) (الآية 92 من سورة النساء).

فمن قتل شخصا لم يكن عن قصد وعمد وإنما كان خطأ فالسيارة مسرعة ، والوقت ليلا ، والطريق أمام السيارة مفتوح، والتوقف فجأة ليس بمستطاع، وبقتله لأخيه خطأ وجب عليه أمران:

-الأمر الأول: دية القتيل أو ما يسمى بالعوض، يعاونه في ذلك أهل قرابته الذكور البالغون الموسرون العقلاء.

-الأمر الثاني: الكفارة عما ارتكب من خطأ.

-أما الدية أو العوض إذا سقطا عنه لأن الأولياء ورثة المقتول تصدقوا عليه فأبرأوه مما أوجب الله لهم عليه من دية من قتلته خطئا، فجازاهم الله خيرًا ولهم الحسنات المضاعفات في يوم قال الله فيه: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفي بنا حاسبين) (الآية 47 من سورة) الأنبياء.

-وأما الكفارة فتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين وحيث إنه لا يستطيع عتق رقبة مؤمنة فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن عجز عن الصيام لكبر سنه أو لمرضه أو للحوق مشقة شديدة به إن صام فليطعم ستين مسكينًا يعط كلا منهم مدًا من طعام.

وأما الحكمة في الكفارة فقد قال القرطبي رحمه الله قيل، أوجبت تمحيصًا لذنب القاتل، وذنبه ترك الاحتياط والتحفظ حتى هلك على يديه امرؤ محقون الدم، وقيل أوجبت بدلا من تعطيل حق الله في نفس القتيل، فإنه كان له في نفسه حق وهو التنعيم بالحياة والتصرف فيما أحل له تصرف الأحياء، وكان لله سبحانه فيه حق وهو أنه كان عبدًا من عباده يجب له اسم العبودية صغيرًا كان أو كبيرًا حرًا كان أو عبدًا مسلمًا كان أو كافرًا ما يتميز به عن البهائم والدواب ويرتجي من ذلك أن يكون من نسله من يعبد الله ويطيعه، فلذلك ضمن أي القاتل الكفارة.