يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل الأستاذ بجامعة الأزهر-رحمه الله-:
إن الله ـ عز وجل ـ قد جعَل أمر الطلاق إلى الزوج وحده حرصًا على بقاء هذا العقد قائمًا بين الزوجينِ؛ لأن الزوج أملَكُ لعَواطفه من الزوجة، والمرأة كثيرًا ما تَغلبها عواطفُها وتُسيطر عليها نَزوات الطيْش والغَيْرة فتُسارع إلى إيقاع الطلاق مِن غير تَفكير ولا رويَّة فيَنهدم بيت الزوجيَّة لأتْفَهِ الأسباب، وتُعاني الأسرة بعد ذلك مِن آثار التفكُّك والانهيار ما تُعانيه.
ثم إنَّ الرجل هو الذي مهَرها وقام بتأسيس بيت الزوجية أو أسهَمَ في تأسيسه بالنصيب الأكبر، وهو الذي يُنفق عليها حال قيام الزوجية ويُطالَب بالإنفاق عليها حال العِدَّة والرَّضاع، فكان مِن حقِّه أن تكونَ العِصمة بيده، ولو جعل الله أمر الطلاق إلى المرأة كما جعله إلى الرجل لكان في ذلك ظُلم عليه؛ فمِن الجائز أن تُطلِّق نفسها قبل أن يَمسَّها أو بعد مدة يَسيرة من الزواج لأتْفهِ الأسباب، فتُضيِّع عليه كل ما دَفعه لها مِن مهر وغيره، وتُكلِّفه بعد ذلك نفَقتها في العدَّة أو حال الرَّضاع، وهذا ظُلم بيِّن كما ذكرنا.
وقد جعل الله للمرأة حقَّ افتداءِ نفسها مِن زوجها إنْ كرِهَته في مُقابل الحق الذي جعله لزوجها، وبذلك ظهَر العدلُ جلِيًّا بين الزوجينِ في هذا التشريع الإسلاميِّ الذي تَقطعت دُونه أعناق المُشرِّعِينَ.