الحلف واليمين والقسم ألفاظ مترادفة في لغة العرب، فيقال:” الحِلْفُ والحَلِفُ القَسَمُ لغتان حَلَفَ أَي أَقْسَم يَحْلِفُ حَلْفاً وحِلْفاً وحَلِفاً ومَحْلُوفاً.. والحَلِفُ اليمين وأَصلُها العَقْدُ بالعَزْمِ والنية [1]
وقال ابن فارس : الحلف بمعنى اليمين أصله من الحلف بمعنى الملازمة . وذلك أن الإنسان يلزمه الثبات على اليمين . واصطلاحا : توكيد حكم بذكر معظم على وجه مخصوص[2]
لا يجوز الحلف بغير الله تعالى كائنا من كان:
الحلف لا يكون إلا بالله سبحانه وتعالى أو بصفة من صفاته تعالى، وقد أقسم النبي ﷺ بالله تعالى كما أقسم بصفة من صفاته مثل: والذي نفسي بيده، مثل ما رواه مسلم في صحيحه بسنده عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ -ﷺ- قَالَ « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِجَارِهِ – أَوْ قَالَ لأَخِيهِ – مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ».
ونهى النبي ﷺ بالقسم بغير الله تعالى، { ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم , من كان حالفا , فليحلف بالله أو ليصمت }
والحلف قال الحنفية والمالكية إنه مباح، والإكثار منه مذموم، وذهب الشّافعيّة : الأصل في اليمين الكراهة إلاّ في طاعةٍ ، أو لحاجةٍ دينيّةٍ ، أو في دعوى عند حاكمٍ ، أو في ترك واجبٍ على التّعيين أو فعل حرامٍ. والحنابلة فصلوا فقالوا اليمين إما أن تكون واجبة أو مباحة أو مندوبة أو مكروهة أو حرام.[3]
ما الفرق بين اليمين اللغو والمنعقدة والغموس:
-اليمين اللغو هي أن يحلف المرء على شيء دون أن يقصد اليمين، أو يحلف المرء على أمر ثم يتبين له خلاف ما يعتقد. وعند الشافعية هي التي يسبق لها اللسان إلى لفظها دون قصد معناها، وعن حكم الكفارة فيها قال ابن قدامة في المغني: (مسألة: ومن حلف على شيء يظنه كما حلف، فلم يكن، فلا كفارة عليه، لأن هذا من لغو اليمين. وأكثر أهل العلم على أن هذه اليمين لا كفارة فيها، قاله ابن المنذر…)
-أما اليمين المعقودة فهي اليمين على أمرٍ في المستقبل غير مستحيلٍ عقلاً ، سواء أكان نفياً أم إثباتاً ، نحو : واللّه لا أفعل كذا أو واللّه لأفعلنّ كذا . هذا قول الحنفيّة. وأفاد المالكيّة أنّ اليمين المنعقدة هي : ما لم تكن غموساً ولا لغواً…
-واليمين الغموس هي اليمين الكاذبة وهي التي يقسم فيها صاحبها على شي وهم متعمد للكذب.
كفارة اليمين المنعقدة:
اليمين المعقودة لها كفارة ذكرت في سورة المائدة في قول الحق سبحانه وتعالى فقوله تعالى: “لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” [المائدة:89].
واليمين المنعقدة هي المشار إليه في الآية الكريمة في قوله:” عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ” وتجب الكفارة عند تحقق الحنث في هذه اليمين، والكفارة في الآية على التخيير والترتيب، فقد خيرت الآية المكلف بين ثلاثة أمور أولها العتق، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوة عشرة مساكين؛ فإن لم يقدر على واحدة منها، فإنه يصوم ثلاثة أيام .
كفارة اليمين الغموس:
أما اليمين الغموس فلا كفارة فيها سوى التوبة النصوح، لأنها من الكبائر، ولا تكفرها الكفارة العادية، وإنما التوبة الخالصة لله للتهويل من هذه اليمين، وهذه اليمين سميت غموساً لأنها تغمس صاحبها في النار.
[1] لسان العرب
[3] ينظر الموسوعة الفقهية الكويتية