يقول الشيخ حسنين مخلوف مفتي مصر الأسبق-رحمه الله-:
لا يجوز للإنسان أن يتيمم إذا قَدَرَ على استعمال الماء بأية صورة، فإذا لم يَقْدِر على استعمال الماء البارد وقَدَرَ على استعمال الماء الساخن يستعمل الساخن، ولا يجوز له التيمم لرفع الحدث واستباحة الصلاة.
أما المريض الذي يَشْتَد عليه المرض أو تَطُول مُدَّتُه إذا استعمل الماء فيباح له التيمم عند الحنفية بشرط أن يَغْلِب ذلك على ظنه بأمارة أو تجربة أو قول طبيب حاذق مسلم غير ظاهر الفسق. وكذلك الصحيح الذي يَخَاف حدوث المرض باستعمال الماء يجوز له التيمم، إذا لم يكن الخوف مجرد شك ووهم، بل كان بغلبة الظن استنادًا إلى ما ذُكِرَ.
ونص المالكية على أن المريض إذا خاف حدوث مرض آخر به، أو زيادة المرض الذي به، أو تَأَخُّر بُرْئِه إذا استعمل الماء يجوز له التيمم، ومَهْمَا قَدَرَ على استعمال الماء لا يجوز له التيمم، والمراد بالخوف العلم أو الظن لا الشك والوَهْم، وإنما يعتبر العلم والظن إذا استند إلى تجربة تَقَدَّمَت في نفسه أو غيره ممن يُقارِبه في مِزاجه أو خبر عارف بالطب ولو غير مسلم (راجع حواشي الرهوني والزرقاني على مَتْن خليل).
وعند الحنابلة كما في المغني لابن قدامة: الجريح والمريض إذا خاف على نفسه من استعمال الماء فَلَه التيمم، وهذا قول أكثر أهل العلم، ومنهم عكرمة، وطاوس، والنخعي، وقتادة، ومالك، والشافعي. وقال عطاء والحسن: لا يجوز له التيمم إلا عند عدم الماء.
والخوف المبيح للتيمم هو خوف التَّلَف عند أحمد، وهو أحد قولي الشافعي، والصحيح في المذهب أنه يباح له التيمم إذا خاف زيادة المرض أو تباطؤ البرء أو خاف شيئًا فاحشًا أو ألمًا غير محتَمَل، وهذا مذهب أبي حنيفة اهـ.
والخوف المُعْتَبَر هو اليقين أو غلبة الظن استنادًا إلى الدليل، ولا عبرة بالشك والوهم وذلك باتِّفَاق المذاهب، وهو الخوف الذي يبيح للصائم الفطر. وقد نَصُّوا في باب الصوم على تحديد الخوف بما ذكر.