إن ما تعارف عليه الناس من إحياء الذكرى السنوية للميت بدعة منكرة، فلا يجوز إقامة مثل هذه الاحتفالات لما فيه من خروج عن هدي النبي ﷺ وصحبه الكرام، فضلا عما فيها من تجديدا لأحزان والسرف وإضاعة المال، والأولى أن نتقرب إلى الله تعالى بعمل صالح ونهدي ثوابه للميت لنستمطر رحمة الله ومغفرته، لا أن نستجلب غضب الله تعالى بخروجنا عنسنة نبينا.
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بنم وسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين
ينبغي أن يعلم أنه ليس من منهج الإسلام تجديد الأحزان، وإثارة الأشجان، فليس من هدي الرسول ﷺ إحياء ذكرى الميت سواء كان ذلك في ذكرى الأربعين، أو مرور سنة، أو مرور سنتين، أو مرور سنين على وفاته، وليس من منهجالإسلام إقامة حفلات التأبين، وإلقاء الخطب والكلمات في مدح الأموات، وكل ذلك من البدع والمنكرات .
يقول الله سبحانه وتعالى: ( أم لَهُمْ شرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) سورة الشورى الآية 21. وقال الرسول ﷺ : ( أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) رواه مسلم.
وقال الرسول ﷺ : (إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح.
وقال ﷺ: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ) رواه البخاري ومسلم .
وجاء في رواية أخرى أنه عليه الصلاة والسلام قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ ) رواه مسلم.
وإحياء ذكرى الأموات بدعوة الأصدقاء، والأقارب، وتلاوة القرآن، واستئجار القراء، وتكرار التعازي كل ذلك ليس له سند من الشرع، وما فعله الرسول ﷺ ولا علمه للصحابة، وما فعلوه، ولا نقل عن التابعين، وقدنص الفقهاء على أنه لا يجوز تكرار التعزية لما في ذلك من تجديد الأحزان بل إن الإمام الشافعي قال: [وأكره المآتم وهي الجماعة وإن لم يكن لهم بكاء فإن ذلك يجددالحزن ويكلف المؤونة مع ما مضى فيه من الأثر ] الأم 1/279 .
ونقل الشيخ ابن عابدين -من فقهاء الحنفية- عن الفتاوى التتارخانية: (لا ينبغي لمن عزى مرة أن يعزي مرة أخرى رواهالحسن عن أبي حنيفة)
وقد ذكر هذا الكلام عند قول صاحب الدر المختار: [ وتكره التعزية ثانياً ] حاشية ابن عابدين 2/241 . وقال الإمام النووي: [قال أصحابنا وتكره التعزية بعد الثلاثة؛ لأن المقصود فيها تسكين قلبالمصاب والغالب سكونه بعد الثلاثة فلا يجدد له الحزن] المجموع 5/306.
وأخيراً فينبغي على المسلم أن يلتزم بهدي رسول الله ﷺ، ويقتدي بالصحابة، والتابعين وسلف الأمة قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ) سورة الأنعام الآية 90 .
ولا ينخدعن أحد بما اعتاده كثير من الناس من فعل هذه البدع، وشيوعها ومشاركة بعض المشايخ فيها، فلا حجة لهم في ذلك، والحجة في الاقتداء بصاحب الشرع الشريف ﷺ، فإن الخير كل الخير في الاتباع وإن الشر كل الشر في الابتداع .