على الرجل أن يقف عند حدود شرع الله لا أن يتلاعب بها، والمسلم وقاف دائما عند ما جاءت به أوامر الشرع الحنيف.
ووطء الزوجة المطلقة في عدتها هل يكون هذا الجماع رجعة دون أن تصاحبه نية الرجعة، أي هل يكفي الجماع دون حصول نية الرجعة في رجعة المرأة لعصمة الزوج؟
المسألة خلافية بين العلماء، فمن قال بحصول الرجعة قال: إنَّ فعل الرجل يدل على نيته فكان فعله رجعة، وهذا قول الحنفية، والحنابلة.
أما المالكية فقد اشترطوا وجود نية الزوج عند الرجعة بالوطء، والشافعية عندهم أن الرجعة لا تصح بالفعل مطلقا، بل يجب أن يصاحبها القول، والمرأة لا تعود لعصمته بهذا الجماع لأنه لم يصاحبه نية على قول المالكية والشافعية. تفصيل أقوال العلماء في هذه المسألة:
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية [بتصرف]:
يرى الحنفية أنَّ الجماع ومقدماته تصح بهما الرجعة، جاء في الهداية ” قال : أو يطأها، أو يلمسها بشهوة، أو ينظر إلى فرجها بشهوة، وهذا عندنا “، وقولهم هذا مروي عن كثير من التابعين، وهم سعيد بن المسيب، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وطاوس، وعطاء بن أبي رباح، والأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى، والشعبي، وسليمان التيمي، وصرح الحنفية بأنه لا يكون النظر إلى شيء من جسد الزوجة سوى الفرج رجعة . واستدلوا بأن الرجعة تعتبر استدامة للنكاح واستمرارا لجميع آثاره، ومن آثار النكاح حل الجماع ومقدماته، لذلك صحت الرجعة بالجماع ومقدماته ; لأن النكاح ما زال موجودا إلى أن تنقضي العدة . كما أن الأفعال صريحها ودلالتها تدل على نية الفاعل، فإذا وطئ الزوج مطلقته الرجعية وهي في العدة، أو قبلها بشهوة، أو لامسها بشهوة، اعتبر هذا الفعل رجعة بالدلالة، فكأنه بوطئها قد رضي أن تعود إلى عصمته . …
ويرى المالكية صحة الرجعة بالفعل كالوطء ومقدماته بشرط أن ينوي الزوج بهذه الأفعال الرجعة، فإذا قبلها أو لمسها بشهوة، أو نظر إلى موضع الجماع بشهوة، أو وطئها ولم ينو الرجعة فلا تصح الرجعة بفعل هذه الأشياء.
جاء في الخرشي ما نصه: أن الرجعة لا تحصل بفعل مجرد عن نية الرجعة ولو بأقوى الأفعال كوطء وقبلة ولمس، والدخول عليها من الفعل فإذا نوى به الرجعة كفى .
والرجعة عند الشافعيةلا تصح بالفعل مطلقا، سواء كان بوطء أو مقدماته، وسواء كان الفعل مصحوبا بنية الزوج في الرجعة أو لا، وحجتهم في ذلك أن المرأة في الطلاق الرجعي تعتبر أجنبية عن الزوج فلا يحل له وطؤها، والرجعة في العدة تعتبر إعادة لعقد الزواج، وكما أن عقد الزواج لا يصح إلا بالقول الدال عليه، فكذا الرجعة لا تصح إلا بالقول الدال عليها أيضا، فلو أن رجلا وطئ امرأة قبل عقد النكاح فوطؤه حرام، فكذا المطلقة الرجعية لو وطئها الزوج في العدة فوطؤه هذا حرام، وقد نص الشافعي على ذلك في الأم بعد أن بين أن الرجعة حق للأزواج، وأن الرد ثابت لهم دون رضى المرأة قال: والرد يكون بالكلام دون الفعل من جماع وغيره ; لأنه رد بلا كلام، فلا تثبت رجعة لرجل على امرأته حتى يتكلم بالرجعة، كما لا يكون نكاح ولا طلاق حتى يتكلم بهما، فإذا تكلم بها في العدة ثبتت له الرجعة . “
وفرَّق الحنابلة في صحة الرجعة بين الوطء ومقدماته، فإن الرجعة عندهم تصح بالوطء ولا تصح بمقدماته، وقالوا: تصح الرجعة بالوطء مطلقا سواء نوى الزوج الرجعة أو لم ينوها وإن لم يشهد على ذلك .
وحجتهم في ذلك أن فترة العدة تؤدي إلى بينونة المطلقة من حيث إن انقضاء العدة يمنع صحة الرجعة، فإذا لم تنقض العدة ووطئها في هذه المدة فقد عادت إليه، ويكون هذا مثل حكم الإيلاء، فإذا آلى الزوج من زوجته ثم وطئها فقد ارتفع حكم الإيلاء، فكذا الحال في الرجعة إذا وطئها في العدة فقد عادت إليه .