هذه الآية الكريمة فسرها الرسول ﷺ لأبي ذر رضي الله عنه ، وهو قوله : ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) ذكر النبي ﷺ لأبي ذر ، قال : ” يا أبا ذر أتدري ما مستقرها؟ فقال أبو ذر : الله ورسوله أعلم ، قال ﷺ : مستقرها أنها تسجد تحت عرش ربها عز وجل ذاهبة وآيبة بأمره سبحانه وتعالى
سجودًا الله أعلم بكيفيته سبحانه وتعالى .
وهذه المخلوقات كلها تسجد لله وتسبح له جل وعلا تسبيحًا وسجودًا يعلمه سبحانه ، وإن كنا لا نعلمه ولا نفقهه ، كما قال عز وجل : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) وقال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ …) الآية ، هذا السجود يليق به لا يعلم كيفيته إلا الله سبحانه .
ومن هذا قوله تعالى في سورة الرعد : ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ) فالشمس تجري كما أمرها الله تطلع من المشرق وتغيب من المغرب إلى آخر الزمان ، فإذا قرب قيام الساعة طلعت من مغربها ، وذلك من أشراط الساعة العظمى ، كما تواترت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ ، فإذا انتهى هذا العالم وقامت القيامة كورت ، كما قال تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ) فتكور ويذهب نورها وتطرح هي والقمر في جهنم؛ لأنهما قد ذهبت الحاجة إليهما بزوال هذه الدنيا .
والمقصود : أنها تجري لمستقر لها ذاهبة وآيبة ، ومستقرها سجودها تحت العرش في سيرها طالعة وغاربة ، كما تقدم ذكر ذلك
في الحديث الصحيح ، ذلك بتقدير العزيز العليم ، وهو الذي قدر سبحانه وتعالى لها ذلك . العزيز ، ومعناه : المنيع الجناب الغالب لكل شيء ، العليم بأحوال خلقه سبحانه وتعالى .