الكذب من المعاصي المنافية للإيمان، والزواج ليس معرة يتبرأ منها الإنسان، بل هو نعمة تأتي منزلتها بعد الإيمان إذا كانت الزوجة صالحة ذات دين.
وادعاء التأيم أو العزوبة، واتخاذ ذلك سلما يتسلق عليه الناس للوصول إلى مآربهم ضرب من التغرير والتدليس.
هل ادعاء العزوبية يكون طلاق
الكذب لا يغير الحقائق، فمن قال أنه أعزب فهل يعني أنه يقصد الطلاق، ففي وقوعه خلاف بين العلماء تبعا لتكييف اللفظ هل هو كناية محتملة للطلاق أم لفظ فارغ عن الاحتمال.
قال الإمام الخرقي الحنبلي:-
(ولو قيل له : ألك امرأة ؟ فقال : لا . وأراد به الكذب ، لم يلزمه شيء . ولو قال : قد طلقتها . وأراد به الكذب ، لزمه الطلاق )
ويقول ابن قدامة معقبا على قول الخرقي:-
إنما لم يلزمه إذا أراد الكذب ؛ لأن قوله : ما لي امرأة . كناية تفتقر إلى نية الطلاق ، وإذا نوى الكذب فما نوى الطلاق ، فلم يقع .
وهكذا لو نوى أنه ليس لي امرأة تخدمني ، أو ترضيني ، أو أني كمن لا امرأة له ، أو لم ينو شيئا لم تطلق ؛ لعدم النية المشترطة في الكناية ، وإن أراد بهذا اللفظ طلاقها ، طلقت ؛ لأنها كناية صحبتها النية . وبهذا قال الزهري ، ومالك ، وحماد بن أبي سليمان ، وأبو حنيفة ، والشافعي.
وقال أبو يوسف ، ومحمد : لا تطلق ؛ فإن هذا ليس بكناية ، وإنما هو خبر هو كاذب فيه ، وليس بإيقاع . ولنا ، أنه محتمل الطلاق ؛ لأنه إذا طلقها فليست له بامرأة ، فأشبه قوله : أنت بائن . وغيرها من الكنايات الظاهرة ، وهذا يبطل قولهم .