حرص الإسلام على زرع معاني الأخوة والمحبة بين المسلمين، وجاء التشريع الإسلامي متساوقا مع هذا المعنى فحرمت الشريعة الغرر في العقود من بيع وإجارة، والغرر هو تلك الجهالة في المعقود عليه كيفا، أو كما، أو مكانا، أو زمانا، أو قيمة وما إلى ذلك، فما كان يؤدي من ذلك إلى التنازع حرمته الشريعة استئصالا للتنازع والتحاقد، وما جرت العادة بالتسامح فيه كان مخصوصا من المنع.

صورة بيع الغرر وحكمه:

يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :-
كل عقد للبيع فيه ثغرة للتنازع، بسبب جهالة في المبيع أو غرر يؤدي إلى الخصومة بين الطرفين أو غبن أحدهما للآخر، فقد نهى عنه النبي سدا للذريعة.
وفي هذا جاء النهي عن بيع ما في صلب الفحل أو بطن الناقة أو الطير في الهواء أو السمك في الماء، وعن كل ما فيه غرر (أي جهالة وعدم تحديد للمعقود عليه).

ومن ذلك أن النبي وجد الناس في زمنه يبيعون الثمار في الحقول أو الحدائق قبل أن يبدو صلاحها. وبعد تعاقدهم يحدث أن تصيبها آفة سماوية، فتهلك الثمار، ويختصم البائع والمشتري؛ يقول البائع: قد بعت وتم البيع، ويقول المشتري: إنما بعت لي ثمرا ولم أجده، فنهى النبي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، إلا أن يشترط القطع في الحال، ونهى عن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة. وقال: أرأيت إذا منع الله الثمرة، بم يستحل أحدكم مال أخيه؟!.

هل كل غرر ممنوع:

ليس كل غرر ممنوعا، فإن بعض ما يباع لا يخلو من غرر، كالذي يشتري دارا مثلا لا يستطيع أن يطلع على أساسها وداخل حيطانها .
ولكن الممنوع هو الغرر الفاحش الذي يؤدي إلى الخصومة والنزاع أو إلى أكل أموال الناس بالباطل.
فإذا كان الغرر يسيرا -ومرد ذلك إلى العرف- لم يحرم البيع، وذلك كبيع المغيبات في الأرض كالجزر والفجل والبصل ونحوها، وكبيع المقاتي (مزارع القثاء والبطيخ ونحوها) كما هو مذهب مالك الذي يجيز بيع كل ما تدعو إليه الحاجة ويقل غرره بحيث يحتمل في العقود.