جسد الإنسان ليس ملكا له، ولا يصح أن يبيع شيئا منه، لأنه لا يملكه، سواء كان مدينا أو غيره، فدين الإنسان لا يبرر له أن يبيع شيئا من جسده، أما التبرع بما لا يضر شيئا من جسد المتبرع فلا بأس به.
يقول الشيخ جعفر أولفقي – مدير أوقاف الجزائر السابق -:
المعلوم في البيع أنه لا يصح إلا بشروط: من بينها أن يكون البيع معلوما .. فالمملوك ملكا تاما مباحا شرعا، ولكن هل الإنسان مالك لجسده؛ بحيث يبيع ويشتري؟ كما لو كان بضاعة معروضة في الأسواق؟
ألا فليعلم المسلم أن الله خلقه لعبادته، وزوده بكل ما به تتحقق هذه العبودية؛ فكل ما في جسده هو عطاء الله؛ فهو إذن ملك لله؛ فأنت أيها الإنسان لا تملك شيئا من جسدك، ومن ثَم لا يحق لك أن تتصرف فيه، إلا كما شرعه الله كعلاج الأعضاء المريضة وبتر بعض الأعضاء الفاسدة الثابت فسادها طبيا؛ بحيث يتعذر علاجها، ويتضرر بقية الجسد ببقائها.
من هنا اتفق جمهور العلماء على أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال بيع عضو في الجسد؛ لتسديد الدين أو لغيره. فالإنسان يعلن عجزه ثم يتوجه إلى عباد الله -والإحسان فيهم لا ينقطع- فقد يجد منهم من يعينه على ما هو فيه، وأن يطلب من دائنه أن يخفف عنه، إما بامتثال قوله تعالى “فنظرةٌ إلى ميسرة”، أو يزقه الله خلق العفو وابتغاء ما عند الله للعافين عن الناس، ويتنازل له عن دينه، ولا يجوز إذن أن يلجأ المسلم إلى بيع عضو من جسده؛ وقد أجاز بعض العلماء التبرع ببعض الأعضاء التي لا يتضرر المتبرع من فصلها عن جسده كما ينتفع بها الذي توهب له.
وهذا يترتب عليه ثواب للمتبرع؛ لأنه عمل يدخل في باب البر والإحسان، وبخاصة إذا كان ذلك منقذا للموهوب له؛ فهو يدخل في قوله تعالى “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا”.