قال النبي ـ ﷺ ـ فيما رواه مسلم ” إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم”.
يقول النووي: رُوي ” أهلكُهم” برفع الكاف وفتحها والمشهور الرفع، ويؤيده أنه جاء في رواية رويناها في “حِلية الأولياء” في ترجمة سفيان الثوري ” فهو مِنْ أَهْلَكِهِم”.
قَال الإِمام الحافظ أبو عبد الله الحُميدى ـ فِي الجَمع بين الصحيحين ـ: في الرِّواية الأولى قال بعض الرواة: لا أدري هو بالنصب أم بالرفع.
قال الحُميدي: والأشهر الرَّفع، أي أشدُّهم هلاكًا، قال وذلك إذا قال ذلك على سبيل الإزْراء عليهم والاحتقَار لهم وتفضيل نفسه عليهم؛ لأنه لا يدري سرَّ الله تعالى في خلقه.
هَكَذا كان بعض علمائنا يقول: هذا كلام الحُميدي.
قال الخطَّابى: مَعْناه لا يَزال الرجل يَعيب الناسَ ويذْكر مساويَهم ويقول: فسَد الناس وهلكوا ونحو ذلك، فإذا فعل ذلك فهو أهلكُهم، أي أسوأ حالاً فيما يَلحقه من الإثم، في عيبهم والوقيعة فيهم، وربَّما أدَّاه ذلك إلى العُجْب بنفسه ورؤيته أن له فضلاً عليهم وأنه خير منهم فيهلَك،هذا كلام الخطَّابى فيما رويناه في كتابه “مَعالم السُّنن” هذا ما جاء في كتاب الأذكار للنووي، ثم ذكر رواية لهذا الحديث في سُنن أبي داود وشرح الإمام “مالك” أحد رجال السند للمقصود منه، وهو: إذا قال ذلك تحزُّنًا لما يَرى في النَّاس من أمر دِينِهم فلا أرَى به بأسًا، وإذا قال ذلك عُجْبًا بِنفْسه وتصاغُرًا للنَّاس فهو المكْروه الذي يُنْهى عنه.
وارْتَضى النَّوَوي هذا التفسير فقال: إنه تفسير في نِهاية من الصحة، وهو أحسن ما قيل في معناه وأوجز، لا سيَّما إذا كان عن الإمام مالك رضي الله عنه.