يقول الشيخ عطية صقر – رحمه الله تعالى -:
نعم الميت يستفيد من صلاة الجنازة، وكذلك يستفيد من كثرة المصلين عليه، لأن المهم فيها هو: الدعاء له بعد التكبيرة الثالثة، وذلك إذا استجاب الله الدعاء، وكلما كان عدد الداعين في الصلاة كبيرا كانت فرص الاستجابة أكثر.
وفي هذا جاءت الأحاديث التي منها ما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي: “ما من مؤمن يموت فيصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا ثلاثة صفوفٍ إلا غفر له”.
فكان مالك بن زبيرة يتحرى إذا قل أهل الجنازة أن يجعلهم ثلاثة صفوفٍ.
وأخذ بظاهر الحديث أحمد بن حنبل وقال: أحب إذا كان فيهم قلةٌ أن يجعلهم ثلاثة صفوف. قالوا: فإن كان ورآه أربعةٌ كيف يجعلهم؟
قال: يجعلهم صفين في كل صف رجلين، وكُره أن يكونوا ثلاثة فيكون في كل صف رجل واحد.
وما رواه مسلم وأحمد والترمذي عن عائشة (رضي الله عنها):”ما من ميت يصلي عليه أمةٌ من المسلمين يبلغون مائةً كلهم يشفعون له إلا شفعوا.
وما رواه مسلم وأحمد وأبو داود: “ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه أي:قبل الله دعاءهم وشفاعتهم”.
هذا وكثرة المصلين على الجنازة يدفع إليها حب الميت، أو تكريمه ومحاولة عمل شيءٍ ينفعه.
والغالب أن ذلك لا يكون إلا من استقامته، وحسن معاملته للناس، فهم يترحمون عليه، ويذكرونه بالخير، وذلك أمارةٌ على حب الله له، والحديث يشهد بذلك.
فقد مرت جنازةٌ أمام النبي ( ﷺ ) فأثنى الصحابة عليها خيراً فقال: وجبت. ثم مرت جنازة أخرى فتحدثوا عنها شراً فقال: وجبت. ولما سأوله عن الإجابتين المتحدتين مع اختلاف حديثهم عن الجنازتين قال: من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً وجبت له النار. أنتم شهداءُ الله في الأرض”. البخاري” رواه البخاري ومسلم.
وحدث مثل ذلك لعمر (رضي الله عنه) حين مرت عليه ثلاثُ جنازاتٍ واختلف كلام الناس علي كلٍ منها، فقال كما قال النبي (ﷺ): “أيما مسلمٍ شهد له أربعة نفرٍ بخير أدخله الله الجنة. قال: فقلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة. وقلنا: واثنان؟ قال: واثنان. ثم لم نسأله عن الواحد”. رواه البخاري.
وروى أبو يعلى وابن حبان أن النبي ( ﷺ ) قال: “ما من مسلم يموت فيشهد له أربعةٌ أهلُ أبياتٍ من جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون إلا خيراً إلا قال الله: قد قبلت علمكم فيه، وغفرت له ما لا تعلمون.
كل هذا يؤكد قيمة ثناء الصالحين على الميت ويدعو إلى كثرة المصلين على الجنازة. والله أعلم . (انتهى)