اليمين الغموس ، هو الحلف مع تعمد الكذب ، وسميت غموسا لأنها لعظم ذنبها تغمس صاحبها في جهنم إن لم يتب توبة صادقة ، ولا كفارة لها غير التوبة ، ورد الحقوق لأهلها إن ترتب عليها ضياع حق .
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي:
إن الإكثار من الأيمان والحلف بالله ليس من خلق المسلم الذي يخاف الله تعالى ويتقي حسابه وغضبه، وقد نهى الله تعالى المؤمنين أن يجعلوا اسم الله تعالى هدفًا لأيمانهم، فيبتذلوه بكثرة الحلف به في كل حق وباطل، فإن من شأن الذي يكثر الحلف أن تقل ثقة الناس به وبأيمانه.
وقد ذم الله تعالى من يكثر الحلف، فقال: {ولا تطع كل حلاف مهين}. وأمر بحفظ الأيمان فقال: {واحفظوا أيمانكم}، وكلما كان الإنسان أكثر تعظيمًا لله كان أكمل في العبودية، ومن كمال التعظيم أن يكون ذكر الله تعالى أجل وأعلى عنده من أن يستشهد به في غرض دنيوي، أو يتجرأ على الحلف به كذبًا.
ولذلك سمى العلماء اليمين الكاذبة باليمين الغموس؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم، أو في نار جهنم؛ لأن الحالف استهان باسم الله تعالى وأقسم به وهو يعلم أنه كاذب في يمينه.
وهذه اليمين لعظم الذنب فيها لا كفارة لها، قال تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم}. واللغو من الكلام الساقط الذي لا يعتد به، ولا يصدر عن فكر وروية، واليمين اللغو هي التي لا يقصدها الحالف، بل تجري على لسانه من غير قصد، وقد فسرت السيدة عائشة هذه اليمين بقولها: اللغو في اليمين هو كلام الرجل في بيته كلا والله، وبلى والله، لا تنعقد عليه قلوبهم؛ أي تجري على ألسنتهم ألفاظ اليمين، ولكن بدون قصد يمين .
أما ما كسبه القلب وقصده وعقد النية عليه، فهو موضع المؤاخذة والعقاب إن كان كاذبًا، واليمين الغموس، لا يكفرها إلا التوبة والندم ومداومة الاستغفار، وعدم العود لمثلها، والإكثار من الصدقة والاستقامة على أمر الله وطاعته، ورد المظالم إلى أهلها إن ترتب عليها مظلمة لأحد ، والله غفور رحيم.