ورد في سنن أبي داود عن أنس بن مالك أن رسول الله – – قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال.
والمعنى: لا تتعاطوا أسباب البغض، ولا يتمنى بعضكم زوال نعمة بعض، سواء أرادها لنفسه أم لا، ولا تقاطعوا، ولا تولوا ظهوركم عن إخوانكم، ولا تعرضوا عنهم، فوق ثلاث ليالٍ بأيامها. كما في شرح السنن.
وإنما جاز الهجر في هذه المدة، وأقل منها لما جبل عليه الآدمي من الغضب، فسومح بهذا القدر ليرجع ويعود إلى عقله ورشده، وهذا فيما يكون بين المسلمين من عقاب وموجدة أو تقصير يقع في حقوق ذوي القرابات والصحبة، دون ما كان من ذلك في جانب الدين، فإن هجر أهل الأهواء والبدع مطلوب على مر الأوقات ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إلى الحق.
وما لم يكن الاختلاط بهم لأجل دعوتهم وتوجيههم وأرجى لأن يؤثر فيهم فهو حينئذٍ أولى.

ما حكم من يهجر أخاه المسلم

-ورد في سنن أبي داود عن أبي هريرة أن النبي قال: “لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنًا فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فلقيه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم”. زاد أحمد: وخرج المسلِّم من الهجرة.
-وفي حديث آخر: “فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار”.
-وفي حديث آخر أيضًا: “من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه”.
-وعن أبي هريرة عن النبي قال: تفتح أبواب الجنة كل يوم اثنين وخميس، فيغفر في ذلك اليومين لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا إلا من بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا.

المخرج الشرعي من الهجر والقطيعة

خلاصة القول: الذي يخرج من إثم الهجر والقطيعة أن تلقي عليه السلام إذا لقيته وليس بالضرورة أن يدوم بينهما الوداد والوصال، ولكن حسبهما أن يكون بينهما السلام.
والذي ننصح به المسلم أن يحرص على أن يكون لأخيه على أن يخرج من إثم الهجر والقطيعة، فليكن عونا له على الخير، وإذا كانت طريقته في بذل النصح قد حملته على هجره فليحرص أن يتودد إليه برسالة يطيب بها قلبه يخبره فيها أنه ما قصد أن يسيء إليه، وأنه لم يرد له إلا الخيرـ ونحو ذلك مما يعينه على أن يتجرد من حظوظ نفسه وهواه ويخرج من إثم الهجر والقطيعة.