المسابقات التي يشترك فيها الناس عن طريق الاتصال بالهواتف الدولية أو المحلية ، على أمل أن يربحوا المليون، أو ما دون المليون، ثم تكون النتيجة أن الملايين منهم يخسرون أجرة الاتصالات الهاتفية التي يدفعونها لشركات الهاتف، وتتقاسمها مع منظمي المسابقة، ولا يحصلون في النهاية إلا على الريح.
هذه المسابقات ليست إلا لونًا من القمار ـ أو الميسر بلغة القرآن ـ تدخله الملايين الطامعة في المليون أو ما دونه بما تدفعه للهاتف، على احتمال أن تربح أو تخسر، ثم تخسر الأغلبية الساحقة، ويكسب واحد في المليون أو في كل عدة ملايين.
صحيح أنه لا يخسر مبلغا كبيرا، ولكن العبرة بالمبدأ، وليس بحجم الخسارة، المهم أنه دخل العملية مقامرًا، لعله يكسب ويصبح مليونيرًا في لحظة.
والإسلام يحرم القمار أو الميسر تحريمًا باتًا، ويقرنه بالخمر في كتاب الله، ويجعله ـ مع الخمر والأنصاب والأزلام ـ رجسا من عمل الشيطان، مما يدل على أنه من كبائر المحرمات لا من صغائرها، وما ذلك إلا ليحمي الناس من التعلق بالأوهام والأحلام الزائفة، التي تبنى على غير أساس، والإسلام لا يمنع أن يكسب الإنسان المال، ضمن شبكة الأسباب والمسببات، ووفق سنن الله في الكون والمجتمع، والأصل في هذه السنن أن يكسب الإنسان المال بكد اليمين، وعرق الجبين، وإعمال الفكر، وإجهاد الجسم، ومواصلة الليل بالنهار، حتى يحقق الآمال.
أما أن ينام على أذنه، ويغرق في الأحلام، ويحصل الثروة عن طريق (ضربة حظ) تواتيه، فليس هذا من هدي الإسلام، ولا من نهج الإسلام، ولا من خلق المسلمين.
ثم إن هذه الشركات التي تنظم هذه المسابقات وأمثالها تجمع من الناس أضعاف ما تدفع لهم، لأنهم أعداد كبيرة، فهي ـ من ناحية أخرى ـ تأكل أموال الناس بالباطل، أي هي ـ بصريح العبارة ـ عملية سرقة مُقَنَّّعة، ومُغَّلَّفة بالمسابقة.
ومما يؤسف له أن يشيع في مجتمعاتنا المسلمة هذا النوع من المسابقات وجوائز السحب الكبرى وألوان اليانصيب ونحوها، مما ينكره الإسلام ويحرمه، وينشئ شبابنا المسلم على هذه التطلعات غير المشروعة، ليسبح في غير ماء، ويطير بغير جناح، وقد حذر سيدنا علي رضي الله عنه قديما من ذلك ابنه الحسن في وصية له إذ قال: وإياك والاتكال على المُنى، فإنها بضائع النَّوكى (أي الحمقى) وقال الشاعر:
ولا تكن عبد المُنى، فالمنى رؤوس أموال المفاليس!