يقول الله سبحانه: (قُل لِّلَّذِینَ كَفَرُوۤاْ إِن یَنتَهُواْ یُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ) (سورة الأنفال : 38) ويقول تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) (سورة البقرة: 217).
قال العلماء: هناك فرق بين الكافر الأصلي إذا أسلم وبين المرتد إذا تاب وعاد إلى الإسلام .
فالأول: وهو الكافر الأصلي يبدأ تكليفه من وقت إسلامه، ولا يكلف بالصلاة والعبادات التي لم يقم بها وقت كفره، بناء على أن الكافر غير مخاطب بفروع الشريعة، حيث لا تصح العبادة بدون نية وبدون إسلام.
والآية الأولى تدل على ذلك “إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف”.
الثاني: وهو المرتد قال بعض العلماء ومنهم الشافعية: إذا عاد إلى الإسلام لم تبطل أعماله التي قام بها حين كان مسلمًا . فقد وقعت صحيحة، وبالتالي لا يكلف بقضائها والآية الثانية قيدت بطلان أعماله بالموت قبل العودة إلى الإسلام “فيمت وهو كافر” أما إذا مات وهو مسلم أي بعد توبته وعودته إلى الإسلام فالآية لا تنطبق عليه.
وقال بعضهم الآخر ومنهم المالكية: إن أعمال المرتد حبطت بمجرد ردته، وعليه أن يقضيها بعد إسلامه.
واستندوا إلى قوله تعالى: (لئن أشركت ليحبطن عملك) (سورة الزمر : 65) وهو خطاب للنبي ـ ﷺ ـ والمراد أمته “تفسير القرطبي ج 3 ص 48″.
هذا هو الحكم بالنسبة إلى الأعمال التي صدرت منه أثناء إسلامه وقبل ردته. أما بالنسبة لأعماله في فترة ردته قبل أن يسلم فقد جاء في تفسير القرطبي “ج 7 ص 403” قوله: فأما المرتد إذا أسلم وقد فاتته صلوات وأصاب جنايات وأتلف أموالاً فقيل: حكمه حكم الكافر الأصلي إذا أسلم لا يؤخذ بشيء مما أحدثه في حال ارتداده ، وقال الشافعي في أحد قوليه: يلزمه كل حق لله عز وجل وللآدمي بدليل أن حقوق الآدميين تلزمه فوجب أن تلزمه حقوق الله تعالى.
وقال أبو حنيفة: ما كان لله يسقط، وما كان للآدمي لا يسقط، قال ابن العربي: وهو قول علمائنا، لأن الله مستغن عن حقه، والآدمي مفتقر إليه، ألا ترى أن حقوق الله عز وجل لا تجب على الصبي.
وتلزمه حقوق الآدميين: قالوا وقوله تعالى: (قل للذين كفروا ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) عام في الحقوق لله تعالى.