جعل الله تعالى لعلاج المشاكل التي تنشأ بين الزوجين أسبابا، ولكن لا يتوقف علاج المشكلة على الأخذ بالأسباب فقط، بل يجب على المسلم أن يستعين بالله تعالى في كل أموره ؛ الصغيرة والكبيرة، العظيمة والحقيرة ، لأن الله تعالى هو صاحب العلاج ،وهو مدبر هذا الكون ،وهو الذي يقول للشيء كن فيكون ، وكم من أمر لم يأخذ الإنسان بالسبب فيه ،ولكن الله تعالى فرجه عنه ،ولا يعني هذا ترك الأخذ بالأسباب ،لأن الاستعانة بالله تعالى هي أولى الأسباب التي يأخذ بها المسلم في الطريق لحل مشكلته .
يقول الشيخ يوسف القرضاوي :
هناك مشكلات في البيت يَصعُب علاجُها من خلال الأخذ بالأسباب فقط، بل لابد وأن يقترن ذلك بالدعاء الخالص إلى الله، والاستغفار والإنابة إلى الله الغفور الرحيم، ومما يُنصَح به في هذا المقام أنه عندما تحدث مشكلة بين الزوج وزوجته، وبين الرجل وأولاده أن يَهُم الجميع إلى الوضوء والصلاة ركعتين، ثم يتلو الجميع بعض الدعوات الصالحات وهذا الأمر له دليل من الكتاب والسنة، يقول الله ـ سبحانه وتعالى ـ: (وقال ربُّكمُ ادعوني أستجبْ لكم) (غافر:60).
وعن رسول ـ ﷺ ـ أنه قال: “الدعاء هو العبادة” (رواه أحمد) وعن عُبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ ﷺ ـ قال: “ما على الأرضِ مسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلا آتاه اللهُ إياها، أو صَرَفَ عنه مِن السوءِ مثلَها ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رَحِم”. (رواه الترمذي).
وهناك أدعية خاصة عند وجود خلافات أو مشاكل أو هموم أو نحو ذلك منها على سبيل المثال الدعاء الآتي:
“لا إله إلا اللهُ الحليم الكريم، سبحان الله ربِّ العرش العظيم، والحمدُ لله رب العالمين، أسألك موجباتِ رحمتِك، وعزائمَ مغفرتِك، والعصمةَ من كلِّ ذنب، والغنيمةَ من كلِّ بِر، والسلامةَ من كلِّ إثم، لا تدعْ لي ذنبًا إلا غفرتَه ولا هَمًّا إلا فَرَّجْته، ولا حاجةً هي لك رضًا إلا قضيتها يا أرحمَ الراحمين” (الترمذي وابن ماجة).
وإذا أصاب الإنسان كَرْبٌ أو هم أو غم أو حزن يقول: “لا إله إلا الله الكريم العظيم سبحانه، تبارك اللهُ ربُّ العرشِ العظيم، الحمد لله رب العالمين، توكلتُ على الله الحي الذي لا يموت، الحمد لله الذي لم يتخذْ ولدًا، ولم يكنْ له شريك في الملك، ولم يكنْ له وليٌّ من الذٌّلِّ وكبِّره تكبيرًا، اللهم رحمتك أرجو فلا تَكِلْني إلى نفسي طَرْفَةَ عين وأصلحْ لي شأني كلَّه، لا إله إلا أنت، يا حيُّ يا قيوم برحمتك أستغيث، اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمُك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميتَ به نفسَك، أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا مِن خلقِك، أو استـأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك أن تجعلَ القرآنَ العظيمَ ربيعَ قلبي، ونورَ بصري وجلاءَ حَزَني، وذَهابَ غَمي، ولا حول ولا قوة إلا بالله” (رواه النسائي وابن حبان من حديث علي، والحاكم من حديث أبي هريرة وعبد الله بن مسعود).
وخلاصة القول: أن وجود الخلافات الزوجية أمر فطري، وحدوث الأخطاء قَدَر من أقدار الله ـ سبحانه وتعالى ـ الذي لا يُخطئ؛ لذلك يجب أن يكون العلاج وفقًا لشرع الله ـ سبحانه وتعالى ـ الذي تمَّ على أساسه عَقْدُ الزواج الغليظ.
فالواجب على المسلم والمسلمة الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى أولا بالدعاء والطلب منه سبحانه في تأليف القلوب والمحبة والمودة بينهما، وان ينزع عنهم كيد الشيطان، وأن يكثروا من الاستغفار والذكر حتى يجعل الله لهما فرجا ومخرجا، مع الأخذ بالأسباب وأولها صبر الزوجين كل منهما على الآخر.