الطلاق بالكتابة يقع إن نوى الإنسان الطلاق مع الكتابة والتوثيق، والطلاق عبر رسائل الجوال فيه من المفاسد التي تمنع منه، ولا يقع به الطلاق، وإنما يمكن اعتباره وسيلة إبلاغ فحسب .
حكم الطلاق عبر الجوال أو البريد الألكتروني:
ويقول الدكتور محمود عكام أستاذ الشريعة:
إن الطلاق عبر رسائل المحمول أو البريد الإلكتروني قد يدخله كثير من الغش والخداع؛ ولذا فإن ترك هذه الوسيلة غير المضمونة أولى. أ.هـ
ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم:
يجوز الطلاق بالكتابة ولكن أخشى ما أخشاه أن تكون هذه الوسيلة غير آمنة، وتوظف البرد الإلكترونية والإنترنت أو المحمول أو غيرها توظيفا سيئًا، ولذلك أنصح أن لا يكون ذلك بالطريقة المعهودة وإذا كان متعسرًا يمكن أن يوكل أحدًا يقوم بذلك. أ.هـ
و يقول الدكتور محمد سيد أحمد المسير :
الطلاق مرتبط بلفظ يقع من القادر على النطق به، وألفاظه الصريحة هي الطلاق والفراق والسراح فمن استعمل لفظًا من هذه الألفاظ في قطع العلاقة الزوجية فقد وجب ولا يقبل منه ادعاء أنه لم يقصد الطلاق فجدهن جد وهزلهن جد.. ونية الطلاق ليست طلاقًا ما لم تقترن بلفظ وفي الحديث الشريف : “إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به”. ولا يشترط في الطلاق المواجهة مع الزوجة فيمكن للرجل أن يطلق زوجته في غيبتها ومن غير حضورها ومن هنا فإن الطلاق بالمراسلة إذا كان مقصودًا به أنه طلق زوجته غيابيًا ثم أعلمها بهذا الطلاق عن طريق رسالة بعثها إليها فهو طلاق واقع لا شك، حتى قبل المراسلة، وكل ما أضافته المراسلة إنها أعلمت الزوجة بما حدث من الفراق بينها وبين زوجها، أما إذا كتب الرجل لفظ الطلاق في الرسالة إلى زوجته دون أن ينطق بهذا اللفظ فلا يقع الطلاق بمجرد الكتابة ما دام الرجل قادرًا على النطق، وفي حال العاجز عن النطق فيقع طلاقه بالإشارة المفهمة أو الكتابة المعبرة عما في صدره .
حكم الطلاق بالكتابة للقادر على الكلام:
والنطق بالطلاق في زماننا لا يمنع منه إلا العجز عن استخدامه، وهذا بخلاف القديم، فربما يكون الرجل في بلد وزوجته في بلد آخر، فيعجز أن يسمع الطلاق لزوجته، فتكون الكتابة قائمة مقامها، أما في عصر ثورة الاتصالات ، فما أيسر أن يسمع الرجل زوجته الطلاق ، ولذا فيعتمد النطق بالطلاق دون غيره إلا في حالة العجز .
كما أن كثيرا من الفقهاء كالحنابلة ومن وافقهم يجعلون الطلاق بالكتابة من كنايات الطلاق التي تفتقر إلى النية .
وإن كان جمهور الفقهاء يبيح الطلاق بالكتابة إن نوى الإنسان الطلاق عند الكتابة، وبشرط أن تكون كتابة مستبينة مفهومة المعنى ، واضحة لا يفهم منها إلا الطلاق، غير أن الناظر إلى الكتابة الالكترونية يجد اختلافا كبيرا بينها وبين الكتابة بالقلم على الورق، فالإنسان الذي يكتب بخطه الحقيقي ، يستطاع عند إنكاره إثبات أن المكتوب بخطه ، ويتدخل المختص بمعرفة بصمات الإنسان في توضيح هذا الأمر ، أما الكتابة الالكترونية ، والتي تكون بالضغط على الأزرة سواء أكانت على المحمول أو الحاسوب لا يمكن التأكد من صحتها ، والتلاعب فيها سهل يسير، وخاصة عند من له دراية وخبرة بالحاسوب أو المحمول .
كما أن الكتابة الالكترونية قد لا تبقى ، فيسهل مسحها من خلال حذف الرسالة من البريد الالكتروني ، أو حذفها من خلال حذف الرسائل من المحمول ، ويترتب على هذا التشكيك في وقوع الطلاق ، سواء أكان من الزوج أو الزوجة ، ولا تعد وسيلة إثبات .
ومن هنا نستطيع القول : إن الطلاق بالكتابة الالكترونية لا يعتد به، ولا يقع به الطلاق، إلا إذا كان من باب الإعلام بعد النطق بالطلاق، أما كونه وسيلة تعتمد في الطلاق وحده ، فلا .
ثم إن الأوفق شرعًا أن تمنع هذه الوسيلة، وإن كان الشرع يأمر برفع الضرر، فإن الوسيلة التي قد تؤدي إليه تمنع، لقوله ﷺ :” لا ضرر ولا ضرار“، كما أن في استخدام هذه الوسيلة إضعافا لعلاقة الزواج والطلاق، وهو ما يتعارض مع حكمة الشرع من هذه العلاقات، من كونها ميثاقًا غليظًا .
و للحاكم المسلم أو الجهات المختصة أن تصدر قرارًا بمنع هذه الوسيلة، فتكون ملزمة للجميع، صونًا للبيوت والأسر، وحفاظًا على الحياة الاجتماعية، فلا يأمن أن يقوم إنسان بكتابة طلاق لامرأة غير زوجته، والشرع ينفي كل ما فيه الغش والضرر.