يقول الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-:
من الأسئلة التي تتعلق بالطلاق السؤال عن الطلاق المعلَّق، ومثاله أن يقول الرجل لزَوجه: “إنْ خرجتِ بغيرِ إذْنِي، أو كلَّمْتِ الجارة، أو فعلتِ كذا، فأنت طالق”. وحُكمه أنه إنْ كان يقصد تَخْوِيفَهَا ومنعها من الفعل، وهو في نفسه يكره طلاقها، ولا يرغب فيه، وليس لديه من الأسباب ما يجعله يقصد الطلاق ـ كان ذلك لغْوًا من القول لا أثَر له في الحياة الزوجية.
أما إذا كان مُنْطَوِيًا على بُغْضها غير راغب في عِشْرَتِهَا ـ واتَّخذ التعليق مُبررًا له في الطلاق أمام الناس ـ فإنه يقع إذا خالفتِ الزوجة، ويقع واحدةً رجعيَّةً لا غير ولو كان بلفْظ الثلاث أو الستين. وإلى هذا ذهب كثير من العلماء من سلف الأمة وخلفها.
وإني أرى هنا أن عبارات الطلاق الواردة في القرآن لا تَصْدُقُ لغةً إلا على من نَجَّزَ الطلاقَ وأوقعه بالفعل غير معلِّقٍ له على شيء: فقوله ـ تعالى ـ: (الطلاقُ مَرَّتَانِ). (الآية: 229 من سورة البقرة)؛ وقوله: (فإنْ طَلَّقَهَا). (الآية 230 من سورة البقرة)؛ وقوله: (وإذا طَلَّقَهَا). (الآية: 231 من سورة البقرة). كل هذا لا يُفهم منه إلا شيءٌ واحد، هو إيقاع الطلاق بالفعل.
أما مَن علَّق الطلاق على فعْل غيره زوجة أو غيرها فإنه لا يَصْدُقُ عليه أنه طلَّق، وفي العُرف يُقال في مثله: إن المرأة مثلا أوقعت الطلاق على زوجها.
وإلى هذا الرأي ذهبت طائفةٌ من الفقهاء، فلو توسَّع القانون، ووحَّد الحكم بين النوعين في الطلاق المعلَّق لكان مُتَمَاشِيًا مع رُوح الشريعة في تضييق دائرة الطلاق .