العبرة في الخطبة بحال الزوجة ، لا حال أهلها ، ففي الحديث : ” فاظفر بذات الدين تربت يداك”
والإنسان في شريعتنا لا يؤاخذ بجريرة غيره حتى لو كان المجرم أبويه، والأحاديث التي تكلمت عن أن العرق دساس من أكذب الحديث، فنسبة ذلك إلى النبي ﷺ كذب وبهتان وزور.
فقد روى ابن عدي في الكامل من حديث أنس أن رسول الله ﷺ قال : ” تزوجوا في الحجز الصالح، فإن العرق دساس” وهذا الحديث رواه الموقدي عن الزهري، قال ابن الجوزي: قال يحيى: الموقدي ليس بشيء، وقال النسائي: متروك، وقال علي :لا يكتب حديثه، ورواه الديلمي في مسند الفردوس والمديني في كتاب تضييع العمر عن ابن عمر وزاد وانظر في أي نصاب تضع ولدك، قال الحافظ العراقي: وكلها ضعيف.
ولذلك حكم الشيخ الألباني على هذا الحديث بأنه موضوع كما في ضعيف الجامع الصغير .
وانظر إلى ما قاله الإمام العجلوني تعقيبا على حديث : ” تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُم، وانكَحُوا الأكـُفـّاء، وأنـْكِحُوا إليهم”
رواه ابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا، وكذا عن عمر بلفظ وانتجبوا المناكح، وعليكم بذات الأوراك فإنهن أنجب رواه عنه الديلمي، ولا يصح، وفي لفظ عنه تخيروا لنطفكم، وانظروا أين تضعونها، وفي لفظ عن عمر مرفوعا كما ذكره أبو موسى المدني في كتاب تضييع العمر والأيام في اصطناع المعروف إلى اللئام بلفظ فانظر في أي نصاب تضع ولدك، فإن العِرْق دَسّاس، وكلها ضعيفة.
وقال النجم : وعند ابن عدي وابن عساكر عن عائشة بلفظ تخيروا لنطفكم، فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن،
وفي لفظ : “اطلبوا مواضع الأكفاء لنطفكم، فإن الرجل ربما أشبه أخواله،”
ورواه أبو نعيم عن أنس بلفظ : ” تخيروا لنطفكم واجتنبوا هذا السواد فإنه لون مشوه” قال ابن الجوزي في سنده مجاهيل، وقال الخطيب :كل طرقه ضعيفة.انتهى.
والذي صح من ذلك كله ما رواه ابن ماجة من حديث عائشة أن رسول الله ﷺ قال : ” تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم” فقط ، ولا توجد زيادة على هذا. والراجح من أقول أهل العلم أن الكفاءة لا عبرة بها إلا في الدين فقط.
وأما حديث : ” إياكم وخضراء الدمن” فقد رواه الديلمي من حديث الواقدي عن أبي سعيد مرفوعا، لكن بزيادة قيل وما ذا يا رسول الله؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء، قال عدي: تفرد به الواقدي، وذكره أبو عبيد في الغريب، وقال الدارقطني لا يصح من وجه. أي ليس له وجه صحيح، وقال عنه الشيخ الألباني كما في السلسلة الضعيفة: ضعيف جدا، أي يشبه أن يكون مكذوبا على رسول الله ﷺ.
وهذا هو ما تؤيده نصوص الشريعة العامة، فما كان رسول الله ﷺ ليحكم على بنت الزنا ، أو من كان أهلها أهل سوء بأنها من أهل النار، وما كان ليحذر منها بغير ذنب تقترفه، فهذا معناه أنه يضطرها إلى الفساد اضطرارا، ويأطرها على الفساد أطرا، ويحملها على البغي حملا…… فما حيلتها وقد حكم عليها رسول الله ﷺ بأنها من أهل النار ، وحذر شباب المسلمين أن يتزوجوها ولو افترستهم العزوبة.
أين هذا من الأصل الذي قرره ربنا في كتابه ” ولا تزر وازرة وزر أخرى ” وهل بعد هذا الوزر من وزر؟! وهل بعد هذا الإصر من إصر !؟
وأين هذا من تزوجه ﷺ بصفية بنت حيي، بنت اليهودي ، وزوجة اليهودي من قبل؟ لماذا لم يدس فيها عرق أبيها وجدها؟!
وعلى هذا …. فالعبرة بحال هذه الفتاة، فإذا كانت مرضية خلقا ودينا، ويشعر نحوها بعاطفة تتجه إلى الود والحب… فعلى الله فليتوكل ويتزوجها .