للتجارة آداب يتحلى بها التاجر ، منها : الصِّدق والقناعة والسماحة ، والتاجر له الحرية في تقدير الربح الذي يبتغيه بشرط عدم الاستغلال وعدم الكذِب . وعدم الغِشِّ ، وحصول الرضا من الطرفين ، بأن يكون الربح في حدود المعقول ، والدين يأبى الربح الفاحش ، ويأمر ولاة الأمور بملاحقة هؤلاء التجار الاستغلاليين .
ما هو حكم الربح الفاحش في البيع:
يقول الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله :
يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ في كتابه العزيز:( وَأَحَلَّ اللهُ الَبيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) ( البقرة: 275) ومعنى ذلك أن التجارة مُباحة، بل وَرَد في شأنها ما يَحُثُّ عليها ويُنوِّه بشأنها فجاء الحديث النبوي الذي يقول: ” تسعة أعشار الرزق في التجارة “.
والمقصود من التجارة هو الربح، وما دام الدِّين قد أباح التجارة فإن ذلك يتضمن إباحة المقصود من ورائها وهو الربح، ولكن الدين ينهى عن الربح الفاحش، وهو الذي يَزيد عن الحد المعروف المألوف بين عامة الناس، وقد اختلفوا في تقدير هذا الحد، فقال بعضهم : إن الربح غير الفاحش ـ أو الذي لا غَبن فيه ولا ظلم ـ هو ما كان في حدود الثُّلُث، وبعضهم قال: هو ما كان في حدود السُّدُس، وقال بعضهم: إن الحد المعقول في ذلك المجال هو ما جَرَتْ به العادة، والمراد عادة المسلمين العقلاء المُنصِفين.
ولذلك ينهى الدِّين البائع عن استغلال جهل المشتري بثمن السلعة؛ ليبيعها لهذا الجاهل بسعر أغلى من السعر الذي يبيع به لسائر الناس العارفين بالسعر؛ وهذا الجاهل بالسعر يُسمَّى في اصطلاح الفقهاء باسم ” المُسترسِل “، ولذلك جاء في الحديث، ” أيُّما مسلم استرسل إلى مُسلم فغَبَنَه فهو كذا ” أي فهو آثم، وجاء في حديث آخر، ” غَبن المسترسل رِبا ” أي إن ظلم الجاهل بالسعر يكون أشبه بأكل الربا.
وقد فسر الإمام ابن تيمية المسترسل بأنه الجاهل بقيمة السلعة، أو الذي لا يُماكِس، أي : لا يجادل البائع ويحاول معه تخفيض السعر، بل يقول له: أعطني، وذكر الإمام أنه لا يجوز غَبن هذا ولا ذاك غبنًا فاحشًا.
بيع المضطر وحكم الغبن في البيع:
على وَلِي الأمر أن يعاقب من يَغْبن الناس غَبْنًا فاحشًا، وله أن يمنعه إذا لم يرتدع من الجلوس في سوق المسلمين، وللإنسان الذي اشترى شيئًا يجهل سعره وغبنه فيه البائع غبنًا فاحشًا أن يفسخ البيع ويَستردَّ الثمن، كما قرر ذلك بعض الفقهاء.
وكذلك المضطر، ومن لا يجد حاجته إلا عند شخص معين، فإنه لا يجوز لذلك الشخص البائع أن يبيع ما عنده بأكثر من الربح المعتاد، بل عليه أن يَبيع السلعة كما يَبيعها بسعرها لغير المضطر؛ لأن استغلال ضرورة المُشترِي لرِفْع السعر عليه عمل لا يرتضيه الدين، وإذا كان المشتري مضطرًّا إلى شيء لا بد له منه، كأن يُضطر إلى شراء طعام أو شراب أو لباس لا بد له منه، فالواجب على البائع أن لا يبيع سلعة من هذا القبيل إلا بالقيمة المعروفة، وعلى المشتري أن لا يُعطيه أكثر من ذلك.