الذي يكون أنيسا للعبد في قبره هو عمله الصالح . أما الذبح عند خروج النعش فهو من البدع المنكرة،والأولى هو الدعاء للميت والتقرب إلى الله بعمل صالح ويوهب له فهذا هو الذي يعود عليه بالنفع ويكون له خير أنيس، والمشروع والمسنون في هذا الصدد هو أن يُعدَ لأهل الميت طعاما لانشغالهم بمصابهم فتلك هي السنة التي وصانا بها رسول الله ﷺ.
يقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوم – من علماء الأزهر-:
لا يؤنس الميت في قبره إلا عمله الصالح من تلاوة القرآن، وأداء شعائر الإسلام، وخلق كريم عاش به في الناس، وورع حجزه عن محارم الله، وكسب حلال طعمه وأطعم به من كان يعول ويقوت، قبل أن تفارق روحه جسده، مودعا دنياه، راحلا إلى أخراه.
أما ما يذبح من ذبائح عند خروج الميت من بيته، أو عند قبره، فما يؤنسه في قبره، وإنما هو من البدع المكروهة، وإذا كان في الورثة قاصر عن درجة البلوغ فيحرم إعداد الطعام، وتقديمه للمشيعين أو المعزين، إذ القُصر بحاجة إلى ما تركه الفقيد لهم، لما رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن جرير بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل البيت، وصنعهم الطعام من النياحة” أي مما نهى الشرع عنه كالنياحة وما إليها.
لكن إذا أعد جيران الميت وأصدقاؤه طعاما وقدموه لأهله، وبعثوه إليهم، فإن ذلك مما ندب الشرع إليه، ورغب فيه، لقوله ـ ﷺ: “اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه أتاهم أمر يشغلهم” رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
قال الشافعي ـ رحمه الله: “وأحب لقرابة الميت أن يعملوا لأهل الميت في يومهم وليلهم طعاما يشبعهم فإنه سنة، وفعل أهل خير” ولقد استحب العلماء الإلحاح على أهل الميت ليأكلوا، كيلا يضعفوا بترك الأكل استحياء، أو لشدة الجزع النازل بهم، ثم إنه لا يجمع الناس في ملتقى واحد يوم الدين، إلا ما قدموه من عمل فهناك ملتقى أهل النعيم، وملتقى أهل الجحيم.