طلب الزوجة الطلاق لغير ضرر محقق لا يجوز شرعا، لقوله : “أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة”. رواه أصحاب السنن والترمذي.

ومن الضرر الذي يبيح للمرأة طلب الطلاق:

منها سوء العشرة مع الزوجة، مثل ضربها في غير حق، أو سبها ، أو إيذائها بأي نوع من أنواع الإيذاء الذي لا يطاق، كما ذهب إليه المالكية والحنابلة، وليس منه الخلافات العادية التي لا يخلو منها غالب البيوت، فإن كان الأمر وصل إلى حد الإيذاء المتكرر ولم ينفع فيه شيء فيجوز طلب الطلاق.

أما إذا كان الأمر لم يخرج عن دائرة الخلافات الزوجية المعتادة التي لا يكاد يخلو منها بيت، فليس هذا مبررا لطلب الطلاق ، والذي ننصح به هو أن يحتسب كل من الزوجين عند الله تعالى ما قد يجده من صاحبه وقد قال تعالى: “فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا”..

وننصح كل من الزوجين أن يتجملا بخلق الصبر ومعالجة ما قد يحدث بينهما برفق ولين، وأن يتحمل كل منهما أخطاء صاحبه قدر استطاعته واحتساب أجر ذلك عند الله تعالى، وعليهما بالإكثار من الدعاء بأن يصرف الله عنهما السوء وأن يبارك لكل منهما في صاحبه.

قال رسول الله : – ” إنَّ إبليسَ يضعُ عرشَه على الماءِ ، ثم يبعثُ سراياه ، فأدناهم منه منزلةً أعظمَهم فتنةً ، يجيءُ أحدُهم فيقولُ : فعلتُ كذا وكذا ، فيقولُ ما صنعتَ شيئًا ، ويجيءُ أحدُهم فيقولُ : ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينَه وبين أهلِه ، فيُدْنِيه منه ، ويقولُ : نعم أنتَ ! “

كيف تتجنب الخلافات الزوجية:

1 – الإلتزام بما جاء في الشرع: وأهمها المحافظ على الصوات الخمس في أوقاتها وعدم تأخيرها لأي سبب، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء قال تعالى : ( ألا بذكر الله تطئن القلوب ) وتذكير كل من الزوجين الآخر على الصلوات والأذكار وإلتزام شرع الله، ففي ذلك حفظ للزوجين وللأسرة من التفكك والضياع، لأن الشيطان قرين للغافل عن ذكر الله وهو الذي يتسبب في تفريق الأسر وضياعها.

2 – عدم نسيان الفضل بين الزوجين: قال تعالى : ( ولا تنسو الفضل بينكم ) فلا بد أن يكون لكلا الزوجين شيء من الإحسان والفضل يتذكره كل واحد منهما للآخر، ولا تكون لحظة الغضب تنسيهم ما بينهم من ود وألفة وفضل.

3 -عدم اتباع الروتين: فإن اتباع روتين معين ثابت يولد الملل فل بد من التغيير سواء في الطعام أو أماكن الخروج أو أقات المتعة وأماكنها وغير ذلك من الروتين المعتاد يجب تغييره لكسر حاجز الملل الذي يولد النفور.

وكذلك على الزوجة أن تتزين لزوجها وتغير من اللباس والزينة في كل وقت وحين.

4 – غض الطرف عن الهفوات: الكمال من صفات الله سبحانه وتعالى ومن طبيعة البشر الخطأ والزلل، فالواجب على كلا الزوجين أن يغض كل واحد منهما طرفه عن هفوات وأخطاء وزلل الآخر قال تعالى : ( فمن عفى وأصلح فأجره على الله ) فما أعظمه من أجر وقال : ” لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر “.

5 – تبادل الكلمات العاطفية: الواجب الحرص بين الزوجين بشكل دائم على الملاطفة والمزاح والكلام الطيب، وأفضل ما يتذكره المسلم هو كيف كان رسول الله مع زوجاته في المعاملة وحسن العشرة فقد قال : ” خيركم خيركم لأهله وانا خيركم لأهلي”.

6 – تضييق دائرة الخلاف: الخلافات الأسرية أمر طبيعي لكن المشكلة تكمن في أن يحول أحد الزوجين الخلاف إلى مصيبة أو يضخم الخلاف وهو صغير، فيوسع الدائرة وهي ضيقة ويكون الخلاف حول أمر بسيط فيصبح حول أمور بسبب توسيع أحد الزوجين لدائرة الخلاف، واللجوء إلى الحوار والهدوء في معالجة الخلاف يضيق الدائرة ويحجم منها.

7 – تبادل الهدايا: قال رسول الله : ” تهادوا تحابوا ” فالهدية بين الزوجين تولد المحبة وهي تعبير عن الود والألفة ولها تأثير كبير على قلوب الأزواج .

8 – الغيرة المحمودة: تعتبر الغيرة أمر محمود من كلا الزوجين لكن لا يجوز تحويلها إلى غيرة مذمومة بكثرة الشك والجدال والسب والشتم .

9 – الإحترام المتبادل: على الزوجة أن تحترم زوجها وأن تعترف له بالقوامة وعليها عدم منازعته فيما هو من اختصاصه، وإذا أرادت الزوجة مشاركة زوجها في بعض اختصاصاته فيكون ذلك بلطف وفي الوقت المناسب وعليها أن لا تصر على رأيها الذي جعله الله للزوج فلا بد أن تترك الأمر بعد إبداء رأيها لزوجها.

10 – العقلانية في الطلبات: فلا تكلف الزوجة زوجها ما لا يطيق وتكثر من الطلبات، وعليها أن تلتزوم بما يستطيع الزوج عليه.

11 – التشاور: ويكون ذلك بمشاركة كل من الزوجين الأخر في أمور حياتهم ولا ينفرد أحدهم بالرأي ويتعنت فيه لأن ذلك يولد الضيق والغضب.

12 – ضبط النفس وعد السب والشتم: قال تعالى : ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) وكان رسول الله يوصي بعدم الغضب فالواجب على الزوجين أن لا يتعدى أحدهما على الآخر.

13 – الخصوصية: يجب على الزوجين عدم نقل ما بينهما من أحاديث خاصة أو علاقات حميمة إلى أي أحد حتى لو كان أقرب الأقربين فالخصوصية بين الزوجين تحافظ على الأسرة وعلى عدم تدخل أحد في حياتهما مما قد يكون سببا للخلاف.

هل توجد حياة زوجية بدون مشاكل:

تعد الخلافات فاكهة الحياة الزوجية، وأمرا طبيعيا يحدث في مُختلف العلاقات الاجتماعية، ففي هذه الحياة لا يوجد شخص كامل، لكن الحياة الزوجية الناجحة تتطلب وجود الحوار البناء بين الزوجين، ورغبتهما في الاستماع والتعاون معا؛ لتسوية الخلافات وإيجاد حلول جذرية لها قبل أن تتفاقم، إضافة لتحويلها إلى نقاط إيجابية قد تكون سببا في توطيد العلاقة بين الزوجين، وزيادة الحب والمودة بينهما، إذ يحاولا التناغم والانسجام معا، ويتشاركا السعي للرقي بأسرتهما، والتجاوز عنها وتصحيح مسار حياتهما، وخلق بيئة منزلية هادئة وسعيدة لأطفالهم، كما توضح الدراسات بأن العلاقات الزوجية الناجحة لا تخلو من المشاكل والخلافات، لكن بالمقابل وجد أطرافها طرق فعالة لعلاجها، وتخطيها بنجاح؛ ليحافظو على العلاقة الودية الطيبة بينهم.

ويلعب سوء التفاهم دورا في إشعال فتيل الخلافات والمشكلات بين الزوجين أكثر، لذلك يجب أن يتعلم أحدهما إدارة النقاش بذكاء حتى ينجح في إنهاء الخلاف بسلام دون خسارة الطرف الآخر في النهاية وتستقر علاقتهما الزوجية وتصبح أفضل.

وقد ينتج عن التواصل الضعيف بين الزوجين العديد من الخلافات والمشاكل، وذلك عندما يقوم كل منهما بالتعبير عن رأيه، بينما يرفضه الآخر ويقاطعه، أو يهاجمه ويرد بطريقة غير مناسبة، فينتج عن ذلك تفاقم الصراع وتوسع الخلاف بينهما، بالتالي فإن الحوار الهادف والبناء بين الزوجين أمر أساسي، والإعتذار عند الخطأ، أسلوبٌ نبيل، وطريقة مهذبة لطلب الصفح عند الإساءه للطرف الآخر بغير قصد.

كيفية البعد عن الخلافات الزوجية:

هناك أمور لا بد لكل من الزوجين الحرص عليها للبعد عن الخلافات الزوجية وهي:

1 -الاحترام: قد يرى البعض أن موضوع الإحترام لا يندرج تحت العلاقات الزوجية، ولكن الحقيقة أن الحوار مع الإحترام يشكل جوهر العلاقة الزوجية الناجحة، وقد يكون انعدامه سببا لمشاكل لا حدود لها. 

2 – الإخلاص والوفاء: مفهوم الزواج يعني إتخاذ قرار مع الطرف الآخر، وتكريس الحياة لهذا الشخص بشكل مطلق وعدم إدخال أية علاقات أخرى تسيء للعلاقة الزوجية، وبالتالي فإن الإخلال بالوفاء والإخلاص قد يهدم أقوى علاقة زوجية وخصوصا أنه قد يولد الغيرة الزوجية والتي هي مقبولة في حدود محدودة وإطار الإرتباط الكامل ولكنها تصبح ظاهرة سلبية إذا زادت وانحرفت عن هذا الهدف.

3 – التعامل مع ضغوط الحياة اليومية: فالضغوط اليومية التي يتعرض لها الأزواج يمكن أن تؤدي إلى تفاقم المشاكل الزوجية الموجودة بالفعل. فعندما يمر أحد الزوجين بيوم مرهق يكون أكثر عرضة للانفعال لدى عودته إلى المنزل، وقد يكون لديه طاقة عاطفية أقل تكريسها لمراعاة شريكه مما يزيد من صعوبة الحياة الزوجية .

4 – البعد عنكثرة الإنشغال: فيمكن أن تنشأ المشاكل الزوجية نتيجة كثرة الانشغال لأحد الزوجين عن الآخر.

5 – التواصل المستمر بين الزوجين: ربما يكون التواصل الضعيف بين الزوجين أكبر مؤشر لوجود خلل في العلاقة بينهما. ويعتبر التواصل الصحي هو مفتاح العلاقة الجيدة، ويمكن أن يؤدي التواصل غير الجيد إلى مشاكل زوجية كبيرة.