روى أحمد في المسند عن حذيفة رضي الله عنه قال: صليت مع رسول الله ﷺ، فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده سبحان ربي الأعلى. قال: وما مر بآية رحمة إلا وقف عندها فسأل، ولا آية عذاب إلا تعوذ منها. وصححه الأرناؤوط، وفي رواية أخرى عند أحمد أيضا: وإذا مر بآية فيها تنزيه لله عز وجل سبح. ورواه أبو داود و صححه الألباني، ورواه النسائي أيضا.
وهذا الحديث يدل على جواز التفاعل مع آيات القرآن، فللمصلي أن يسأل الله الجنة عند ورود ذكر الجنة، وأن يستعيذ من النار عند ذكرها، وأن يسبح عند التسبيح، وغير ذلك.
لكن قد ذهب بعض الفقهاء إلى أن ذلك خاص بالنوافل.
قال الإمام الشوكاني بعد ذكره لعدة أحاديث تدل على التفاعل مع القرآن:
هذه الأحاديث تدل على مشروعية السؤال عند المرور بآية فيها سؤال، والتعوذ عند المرور بآية فيها تعوذ والتسبيح عند قراءة ما فيه تسبيح، وقد ذهب إلى استحباب ذلك الشافعية وحديث الباب يدل على استحباب التعوذ من النار عند المرور بذكرها، وقد قيده الراوي بصلاة غير فريضة. وكذلك حديث حذيفة مقيد بصلاة الليل، وكذلك حديث عائشة الآتي وحديث عوف بن مالك.
وقال الخطيب الشربيني الشافعي في مغني المحتاج :
ويسن للقارئ في الصلاة وخارجها إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله الرحمة، أو بآية عذاب أن يستعيذ منه، أو بآية تسبيح أن يسبح، أو بآية مثل أن يتفكر، وإذا قرأ { أليس الله بأحكم الحاكمين } [ التين ] قال بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وإذا قرأ { فبأي حديث بعده يؤمنون } [ المرسلات ] قال آمنت بالله، وإذا قرأ : { فمن يأتيكم بماء معين } الملك ] قال : الله رب العالمين. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني:
قيل لأحمد، رحمه الله : إذا قرأ : { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } هل يقول : ” سبحان ربي الأعلى ” . قال : إن شاء قاله فيما بينه وبين نفسه، ولا يجهر به في المكتوبة وغيرها. وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قرأ في الصلاة : { سبح اسم ربك الأعلى }. فقال : سبحان ربي الأعلى. وعن ابن عباس أنه قرأ في الصلاة : { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } . فقال : سبحانك وبلى. وعن موسى بن أبي عائشة قال : { كان رجل يصلي فوق بيته فكان إذا قرأ : { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى }. قال : سبحانك فبكى، فسألوه عن ذلك، فقال : سمعته عن رسول الله ﷺ }. رواه أبو داود. ولأنه ذكر ورد الشرع به، فجاز التسبيح في موضعه. انتهى.
وقال الحطاب المالكي في مواهب الجليل:
إذا مر ذكر النبي ﷺ في قراءة الإمام فلا بأس للمأموم أن يصلي عليه وكذلك إذا مر ذكر الجنة والنار فلا بأس أن يسأل الله الجنة ويستعيذ به من النار ويكون ذلك المرة بعد المرة , وكذلك قول المأموم عند قول الإمام { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } بلى إنه على كل شيء قدير وما أشبه ذلك . وسئل مالك فيمن سمع الإمام يقرأ : { قل هو الله أحد } إلى آخرها فقال المأموم : كذلك الله , هل هذا كلام ينافي الصلاة ؟ فقال : هذا ليس كلاما ينافي الصلاة.