قال تعالى: ( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ۚ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ) الحج (47)
وقال تعالى : ( تَعۡرُجُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيۡهِ فِي يَوۡمٖ كَانَ مِقۡدَارُهُۥ خَمۡسِينَ أَلۡفَ سَنَة ) المعارج (4)
أما الآية الأولى ففي تفسير اليوم رأيان:
1- أنه من الأيام التي خلق الله فيها السموات والأرض، كما روي عن ابن عباس ومجاهد.
2- أنه من أيام الآخرة، بمعنى أن يومًا من الخوف والشدة في الآخرة أو في النعيم كألف سنة من سني الدنيا.
أما في الآية الثانية ففي تفسير المعارج ثلاثة أقوال:
1- المعارج هي الرتب الخاصة بعظمة الله وعلوه ومراتب نعمه كما قال ابن عباس وقتادة.
2- معارج السماء هي درجاتها أو مصاعدها، لأن الملائكة تعرج إلى السماء كما قال مجاهد.
3- المعارج هي الغرف التي جعلها الله لأوليائه في الجنة.
والملائكة تعرج إلى أمكنتها في السماء. أو إلى عرش الله في وقت كان مقداره على غيرهم لو صعد خمسين ألف سنة. قال وهب : ما بين أسفل الأرض إلى العرش مسيرة خمسين ألف سنة وهو قول مجاهد، وجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى: (وفي يوم كان مقداره ألف سنة) [سورة السجدة: 5] فقال : قوله في سورة المعارج هو من منتهى أمره من أسفل الأرض إلى منتهى أمره من فوق السموات خمسون ألف سنة، وقوله في سورة السجدة، يعني بذلك نزول الأمر من السماء الدنيا إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء يوم واحد، فذلك مقدار ألف سنة، لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام، فالصعود والهبوط يساوي ألف سنة.
وقيل المراد يوم القيامة، أي مقدار الحكم فيه لو تولاه مخلوق خمسون ألف سنة، قال عكرمة. وقيل يوم القيامة جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة ثم يدخلون النار للاستقرار كما قال ابن عباس.
يقول القرطبي: وهذا القول أحسن ما قيل في الآية، واستدل بحديث قال فيه النبي ﷺ عنه “والذي نفسي بيده إنه ليخفف عن المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة المكتوبة يصليها في الدنيا” رواه أحمد وابو يعلى وابن حبان في صحيحه كما استدل بحديث “ما من رجل لم يؤد زكاة ماله إلا جعل الله شجاعًا من نار تكوي به جبهته وظهره وجنباه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي الله بين الناس” رواه البخاري ومسلم ويؤيده ما قيل – وروى مرفوعًا – أن زمن حساب المؤمن ما بين الظهر والعصر ليكون في الجنة مستقرًا وأحسن مقيلا.
وعن ابن عباس: هي أيام سماها الله وهو أعلم بها كيف تكون. وأكره أن أقول فيها ما لا أعلم.
وقيل : المراد بالخمسين التمثيل لبيان طول المدة في الموقف، كعادة العرب في وصف أيام الشدة بالطول وأيام الفرح بالقصر.
هذا ، وقد جاء في تعليق اللجنة العلمية بالمنتخب في تفسير القرآن الكريم الذي أصدره المجلس الأعلى للشئون الإسلامية “ص495” ما نصه.
يسبق القرآن بهذه الآية الكريمة – كألف سنة- ركب العلم بتقرير أن الزمن نسبي، وأن فكرة الزمن العالمي المطلق الذي كان يسلم به الأقدمون قبل ظهور النسبية هي فكرة خاطئة.
وبعد فهذا بعض ما قيل في التوفيق بين المدد المختلفة لليوم الذي عند الله، والآراء مختلفة، وما نسب إلى ابن عباس من أنه يكل علمها إلى الله هو في رأي أحسن، لأنه ترف ذهني وانشغال بما لا طائل تحته في حياتنا الحاضرة وإن كنا نعمل لحساب يوم القيامة لما فيه من الشدة والهول.