يقول فضيلة الشيخ عطية صقر -رحمه الله -:
قال الله -تعالى- في شأن الهدي {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} [سورة الحج: 28].
يدل ظاهر هذا الأمر على إباحة الأكل من أي هدي كان، سواء أكان واجبًا أم مندوبًا، وقد اختلف الفقهاء في هذا الحكم، وفرقوا بين هدي التطوع المندوب فجوزوا الأكل منه، وبين الهدي الواجب فحرموه، وإن كان بعضهم أجاز الأكل من بعض الهدي الواجب دون البعض الآخر.
فذهب أبو حنيفة وأحمد: إلى جواز الأكل من هدي التمتع، وهدي القران، وهدي التطوع، ولا يأكل مما سواها، وقال مالك: يأكل من الهدي الذي ساقه لفوات الحج ولفساده، ومن هدي التمتع، ومن الهدي كله، إلا فدية الأذى، وجزاء الصيد، والنذر للمساكين، وهدي التطوع إذا عطب قبل محله.
وعند الشافعي : لا يجوز الأكل من الهدي الواجب مثل الدم الواجب في جزاء الصيد، وإفساد الحج، وهدي التمتع والقران، كذلك ما كان نذرًا أوجبه على نفسه، أما ما كان تطوعًا فله أن يأكل منه ويهدي ويتصدق.
وأقول: إن غالب ما يذبح هناك جزاء، هو عن التمتع والقران، وعموم الآية يجيز الأكل منه، إلى جانب أحاديث تفيد أن النبي -ﷺ- في حجة الوداع كان معه نساؤه، وكن متمتعات أي محرمات بالعمرة أولاً، أو قارنات: أي محرمات بالحج والعمرة معًا، وأكلن من اللحم، وفي صحيح مسلم: أنه عليه الصلاة والسلام أمر من كل بدنة ( جمل ) بضعةً ( قطعة) في قدر فأكل هو وعلي -رضي الله عنه- من لحمها وشربا من مرقها.
هذا والأولى أن تطعم كلها للفقراء، وبخاصة بعد الاستعدادات الجديدة لتنظيم الذبح والتوزيع، والأكل منها أفضل من أن ترمى وتضيع .