ما تقوم به المؤسسات الخيرية من جمع وتوزيع الزكاة أمر مشروع محمود ، وللجمعية أو المؤسسة أن تقتطع جزء العاملين عليها من الزكاة ، ولكن فيما يخص جمع الزكاة وتوزيعها ، وليس لأنشطة أخرى .
يقول المستشار فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث :
اتفق العلماء على أن الزكاة تصرف إلى أصحابها بإحدى الطرق الثلاث:
1. أن يقوم المزكّي نفسه بصرفها إلى من يعرف من المستحقّين.
2. أن يدفعها لولي الأمر المسلم الذي يقوم بصرفها على المستحقّين لها، ويكون في هذه الحال وكيلاً عن المزكّي.
3. أن يدفعها إلى وكيل آخر ويفوّضه بصرفها على المستحقّين، ويمكن أن يكون هذا الوكيل فرداً أو جماعة.
وفي هذا العصر، ونظراً لضعف الروابط الاجتماعية واتساع المدن وكثرة المحتاجين غير المعروفين، أصبح من الصعب على المزكّي أن يعرف المستحقّين ويصرف زكاته لهم. فقامت الجمعيّات والمؤسسات الخيرية بهذه المهمة، وهي بلا شكّ أقدر على معرفة المستحقّين وصرف الزكاة إليهم، وصار أصحاب الحاجات يقصدونها ويطلبون منها، وهذا أسهل عليهم في معرفة من تجب عليه الزكاة.
هذه الجمعيّات تكون في مثل هذه الحالة بمثابة الوكيل الشرعي عن المزكّي. وهذا الأمر جائز باتفاق ولا نعلم فيه خلافاً.
وإذا قامت الجمعيّات بهذه المهمّة جاز لها أن تأخذ من الزكاة نصيب (العاملين عليها) خاصّة حين تكلّف من يقوم بجباية الزكاة، ودراسة أحوال المحتاجين لمعرفة مدى استحقاقهم للزكاة، ثم توزيعها عليهم.
ويلاحظ هنا أنّ الجمعيّات لا يحقّ لها أن تأخذ من هذا المصرف الزكاة إلاّ المصاريف الإدارية المتعلّقة بجباية الزكاة وتوزيعها دون سائر نفقات هذه الجمعيّات، وأنّ هذه النفقات لا يصحّ أن تزيد عن سُبُع مِقدار الزكاة في أقصى الاحتمالات باعتبار أنّ مصرف (العاملين عليها) هو (واحد من سبعة) حسب نص الآية الكريمة، وبعد زوال مصرف (تحرير الأرقّاء) بانتهاء الرِّق وذلك حسب رأي الشافعية.
والدليل على جواز أخذ الجمعيّات من نصيب (العاملين عليها) إذا قامت بجباية الزكاة وتوزيعها، أن الآية الكريمة خصّصت هذا المصرف للعاملين عليها دون أن تحدّد لهم أيّة صفة أخرى، فكل من عمل في جباية الزكاة وتوزيعها تحقّق فيه هذا الوصف، وجاز له أن يأخذ أجره من الزكاة، لا نعلم خلافاً حول هذه المسألة ….
والوكالة شرعاً تصحّ لفرد أو لجمعية.