يقول أ.د ماهر السوسي ـ الأستاذ المساعد في الشريعة بالجامعة الإسلامية بغزة ـ فلسطين ـ :
صحيح أن المتوفى عنها زوجها تقضي عدتها في بيت الزوجية، هذا إذا كان ممكنا ويجوز أن تنتقل المعتدة إلى بيت أكثر أمنا وراحة لها من بيتها الذي هي فيه، وخصوصا أنها امرأة كبيرة تحتاج إلى رعاية وتحتاج إلى من يعتنى بها؛ وذلك لأن رسول الله ﷺ طلب من فاطمة بنت حبيش أن تنتقل من بيت الزوجية لتكمل عدتها في بيت ابن أم مكتوم بسبب خصومة كانت بينها وبين أهل زوجها، كما جاء في بعض روايات هذا الحديث، وفي هذا دلالة على أن للمعتدة أن تنتقل من بيت الزوجية إلى بيت غيره إذا كان هناك ما يبرر ذلك.
أين تعتد المرأة بعد وفاة زوجها:
يجب على المرأة المحادة على زوجها أن تمكث في البيت الذي كانت تسكن فيه عند موت زوجها ؛ لأمر النبي ﷺ بذلك ، فقد روى أصحاب السنن أن النبي ﷺ قال لفريعة بنت مالك : ( امكثي في بيتك الذي جاء فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله . قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وإلى هذا ذهب جماهير أهل العلم ، عملا بهذا الحديث ، إلا أنهم رخصوا للمرأة إن خافت على نفسها ، أو لم يوجد عندها من يقوم بمصالحها ولم تستطع هي أن تقوم بها أن تعتد في غير منزلها .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” وممن أوجب على المتوفى عنها زوجها الاعتداد في منزلها : عمر وعثمان رضي الله عنهما ، وروي ذلك عن ابن عمر وابن مسعود وأم سلمة ، وبه يقول مالك والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق . وقال ابن عبد البر : وبه يقول جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق “.
ثم قال : ” فإن خافت هدما أو غرقا أو عدوا أو نحو ذلك ، أو حوّلها صاحب المنزل لكونه بإجارة انقضت مدتها ، أو منعها السكنى تعدّيا ، أو امتنع من إجارته ، أو طلب به أكثر من أجرة المثل ، أو لم تجد ما تكتري به ، [أي لم تجد أجرة البيت] فلها أن تنتقل ؛ لأنها حال عذر . . . وإذا تعذرت السكنى ، سقطت ، ولها أن تسكن حيث شاءت ” . انتهى
هل يمكن تغيير مكان العدة:
سئل علماء اللجنة الدائمة عن امرأة مات زوجها وليس في مدينتهم أحد يقوم بمسئوليتها ، فهل لها أن تعتد في مدينة أخرى ؟
فأجابوا :
” إذا كان الواقع كما ذكر من أنها لا يوجد في البلد الذي مات فيه زوجها من يقوم بمسئولياتها وشئونها ، ولا تستطيع أن تقوم هي بشئون نفسها شرعا جاز لها أن تنتقل إلى بلد آخر تأمن فيه على نفسها ، وتجد فيه من يقوم بشئونها شرعا ” انتهى .