الردة جريمة لها عقوبات دنيوية ثابتة ومستقرة، وهي جزء من تشريع سماوي ثابت مستقر، واستتابة المرتد مؤقتة بميقات، وإلا صار الأمر فوضي وحرية كفر، لا حرية فكر.
والردة جريمة تترتب عليها جملة أحكام منها:
-القتل وهو ثابت بالسنة النبوية الصحيحة ويكون الأمر للحاكم وليس للناس.
-التفريق بين المرتد وزوجه.
-سلب ولاية المرتد.
-تحريم ذبيحة المرتد.
-إحباط العمل.
يقول الأستاذ الدكتور أحمد كريمة –أستاذ الفقه المقارن المساعد بجامعة الأزهر-:
من أهم خصائص التشريع الإسلامي الجمع بين الثبات والمرونة، ويعني بالثبات قيام التشريع على أصول لا يمكن بحال من الأحوال أن تقبل التبديل، والتغيير، أو الإلغاء، والأحكام الشرعية الثابتة المستقرة لا تتغير بتغيرالزمان والمكان، فحرامها وحلالها ومباحها كذلك في الماضي والحاضر والمستقبل، وصارت بهذا الوصف مسلمات شرعية، لا تقل قوة عن المسلمات العقلية، وهذه المسلمات الشرعية لا تقبل أبدا أن يحتال عليها، فتغير تحت أي مبرر من المبررات كإرضاء التيار العلماني أو مسايرة الحضارة الجديدة، وغير ذلك من مبررات تبعث على الغرابة والنكارة معا!
إن التعلل بإلغاء عقوبات المرتد تحت زعم اظهار سماحة الإسلام ومرونته تعلل مهترئ، لأنه يؤدي الى القول بأن الإسلام منذ فجره حتى الآن لم يكن سمحا، بل صاحب سمعة ملوثة، وآن الأوان لتصحيح المسار، أو ثورة تصحيح على أحكامه وأصوله، وقواعده، حتي يبدو للناظرين سمحا عفيفا!!!
إن أهل الكتاب ـ اليهود والنصاري ـ لم يجرؤ عالم فيهم على تغيير أي حكم لديهم، والأمثلة عند القوم معروفة خاصة الأحوال الشخصية والإرث وغير ذلك، فلماذا العبث في مسلمات شرعية إسلامية من قبل مسلمين؟!
إن الردة لها تكييف ووصف وعقوبات بإيجاز فهي ـ من حيث الجملة: الرجوع عن الإسلام، ويكون هذا بأحد مظاهر ثلاثة:ـ القول والفعل والامتناع عن الفعل.
-القول: صدور قول عن المسلم هو كفر بطبيعته، أو نقيض الكفر.
-الفعل: أن يأتي المسلم فعلا يحرمه الإسلام تعمدا واستخفافا به أو عنادا أو مكابرة.
-الامتناع عن الفعل:ـ أي الامتناع عن إتيان فعل يوجبه الإسلام، مما علم من الدين بالضرورة إنكارا أو جحودا.
أما حكم الردة:ـ فهي من أعلى الجرائم لعداونها على الدين، فالإسلام يحرم، ويجرم الخروج على:ـ( الدين الحق. والنظام العام للمجتمع) وعليه:ـ فالردة جريمة، والمستقر شرعا وقانونا أنه لا توجد جريمة دون عقوبة دنيوية.
وعقوبات الردة الدنيوية كثيرة أهمها:ـ
1ـ القتل: وهو ثابت بالسنة النبوية الصحيحة، ومنها:ـ
لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدي ثلاث:ـ النفس بالنفس، والثيب بالزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة من بدل دينه فاقتلوه.. وبآثار الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والإجماع.
2ـ التفريق بين المرتد وزوجه.
3ـ سلب ولاية المرتد.
4ـ تحريم ذبيحة المرتد.
5ـ إحباط العمل.
وإذا علم هذا: ـ فأي العقوبات يسعي الساعون لإلغائها؟ هل كلها أم بعضها؟
إن كان الكل فإن كانت الردة جريمة فهل يوجد في أي تشريع سماوي أو وضعي جريمة دون عقوبة دنيوية؟ وإن لم تكن الردة جريمة، فماذا تكون من الناحية التشريعية؟
وإن كان البعض، فلا بد من التفصيل. هل إلغاء القتل؟ هل لزعم عدم ملاءمته؟ إذن على هذا الزعم تلغى عقوبة القتل في الجرائم الأخرى المسببة له، وإن كان بسبب أنه ثبت بالسنة النبوية، ولم يثبت بالقرآن الكريم، فعلى هذا الوهم، تلغى عقوبة تعاطي المسكرات والجناية على ما دون النفس خطأ، والخروج على الحاكم، لأن هذه الجرائم مجرمة بنصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية، وشرعت السنة النبوية عقوباتها.
ثم سؤال واستفسار لمن يهمه الأمر:ـ هل عقوبة قتل المرتد مطبقة حاليا في البلاد، أم انها معطلة!
هل إلغاء التفريق بين المرتد وزوجته ـ لعله بيت القصيد في هذه القضية؟ إذن لو بقيت مسلمة في عصمة كافر لخالفنا القرآن الكريم في حكم شرعي قطعي الورود، والدلالة( ولا تمسكوا بعصم الكوافر) ولفتح باب زواج المسلمة من غير مسلم حاضرا ومستقبلا.
هل يراد إلغاء باقي العقوبات؟ أظن أن قومنا لا يعرفونها، لأن الظاهر لغير المتخصصين في الشريعة الإسلامية أن عقوبة الردة:ـ القتل والتفريق فقط، وهذا قصور لا يحتاج إلي تعليق.
أما إطلاق الاستتابة، فهو قول نسب لبعض أهل العلم وهو قول ضعيف محجوج بالنصوص.
إن الردة جريمة لها عقوبات دنيوية ثابتة ومستقرة، وهي جزء من تشريع سماوي ثابت مستقر واستتابة المرتد مؤقتة بميقات، وإلا صار الأمر فوضي وحرية كفر، لا حرية فكر.