جاء في المبسوط للسرخسي من فقهاء الحنفية: وأما ما يخلط، فيتناول الجيف وغير الجيف على وجه يظهر أثر ذلك من لحمه , فلا بأس بأكله , والعمل عليه، حتى ذكر في النوادر : لو أن جديا غذي بلبن خنزير فلا بأس بأكله ; لأنه لم يتغير لحمه، وما غذي به صار مستهلكا، ولم يبق له أثر.أهـ
أمر آخر قد يستحيل لحم الخنزير بفعل التصنيع إلى شيء آخر، ويخرج عن حقيقته الأولى، والذي عليه الأكثر من أهل العلم طهارة الأعيان النجسة إذا هي استحالت استحالة كاملة عن طبيعتها وحقيقتها، بحيث صارت مادة أخرى مغايرة، ويعطي الفقهاء هذه المادة حكم ما استحالت إليه، وهذا مذهب الحنفية والمالكية وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم.
على أن من الفقهاء من ذهب إلى أن مشتقات الخنزير إذا أضيفت إلى العلف دون استحالة وكانت على هيئتها الأولى فلا يجوز استخدامها في طعام السمك أو غيره، ولو قلَّت نسبة هذه النجاسات لأنه بامتزاج النجس بغيره الطاهر ينقل إليه النجاسة حيث إنَّ المائع يتنجس بملاقاة النجاسة، ومستند هذا ما رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه أنه النبي ﷺ: “سئل عن فأرة وقعت في سمن؟ فقال: إذا كان جامداً فخذوها وما حولها فألقوه، وإن كان مائعا فلا تقربوه”
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ذهب الحنفيّة والمالكيّة ، وهو رواية عن أحمد إلى: أنّ نجس العين يطهر بالاستحالة ، فرماد النّجس لا يكون نجساً ، ولا يعتبر نجساً ملح كان حماراً أو خنزيراً أو غيرهما ، ولا نجس وقع في بئر فصار طيناً ، وكذلك الخمر إذا صارت خلّاً سواء بنفسها أو بفعل إنسان أو غيره ، لانقلاب العين ، ولأنّ الشّرع رتّب وصف النّجاسة على تلك الحقيقة ، فينتفي بانتقائها، فإذا صار العظم واللّحم ملحاً أخذا حكم الملح ، لأنّ الملح غير العظم واللّحم.
ونظائر ذلك في الشّرع كثيرة منها: العلقة فإنّها نجسة ، فإذا تحوّلت إلى المضغة تطهر ، والعصير طاهر فإذا تحوّل خمراً ينجس.
فيتبيّن من هذا: أنّ استحالة العين تستتبع زوال الوصف المرتّب عليها.
والأصل عند الشّافعيّة ، والحنابلة في ظاهر المذهب: أنّ نجس العين لا يطهر بالاستحالة ، فالكلب أو غيره يلقى في الملّاحة فيصير ملحاً ، والدّخان المتصاعد من وقود النّجاسة ، وكذلك البخار المتصاعد منها إذا اجتمعت منه نداوة على جسم صقيل ، ثمّ قطّر ، نجس.