لم يثبت نص من نصوص الوحي في هذا، وإنما يحكى عن بعض العلماء تجربة في ذلك،ولا مانع من الاستفادة بهذه الآيات من باب الاستئناس ، مع الدعاء بالسكينة كما دعا النبي ﷺ يوم الخندق .
وقد قال الإمام ابن القيم في كتابه “مدارج السالكين”:
(( وقد ذكر الله سبحانه السكينة في كتابه في ستة مواضع :
الأول : قوله تعالى : ( وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ) سورة البقرة : 248.
الثاني : قوله تعالى : ( ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) سورة التوبة: 26.
الثالث : قوله تعالى : ( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا) سورة التوبة:40 .
الرابع : قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) سورة الفتح : 4 .
الخامس : قوله تعالى: ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) سورة الفتح : 18.
السادس : قوله تعالى : ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) سورة الفتح : 26 .
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور : قرأ آيات السكينة،وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه، تعجز العقول عن حملها، قال : فلما اشتد علي الأمر، قلت لأقاربي ومن حولي : اقرأوا آيات السكينة، قال : ثم أقلع عني ذلك الحال، وجلست وما بي قلبة، وقد جربت أنا أيضاً ـ الكرم لابن القيم ـ قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب بما يرد عليه، فرأيت لها تأثيراً عظيماً في سكونه وطمأنينته.
ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على رسوله ﷺ وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب كيوم الهجرة إذ هو وصاحبه في الغار والعدو فوق رؤوسهم، لو نظر أحدهم إلى ما تحت قدميه لرآهما، وكيوم حنين حين ولوا مدبرين من شدة بأس الكفار، لا يلوي أحد منهم على أحد. وكيوم الحديبية حين اضطربت قلوبهم من تحكم الكفار عليهم، ودخولهم تحت شروطهم التي لا تحملها النفوس، وحسبك بضعف عمر رضي الله عنه عن حملها – وهو عمر- حتى ثبته الله بالصديق رضي الله عنه.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : كل سكينة في القرآن فهي طمأنينة إلا التي في سورة البقرة )) انتهى.
وفي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : رأيت النبي ينقل من تراب الخندق حتى وارى التراب جلدة بطنه وهو يرتجز بكلمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصـدقـنا ولا صلينا
فـــــأنزلـن سـكينـــة علينــــا وثبت الأقـدام إن لاقيـنا
إن الأولى قد بغوا علينـا وإن أرادوا فتنـــة أبيـــــــا