الإنفاق الواجب على زوجك فقط هو ما كان للوالدين، أما أخوته فالإنفاق ليس بواجب عليه، وبالتالي مساعدتهم هو من باب الإنفاق لوجه الله تعالى، والأولى أن ينوع مصارفه، ويخلص نيته، وأسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم.
هل نفقة الوالدين تجب على جميع أبنائهم
قال ابن المنذر رحمه الله:
أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في “الاختيارات”:
وعلى الولد الموسر (أي الغني) أن ينفق على أبيه المعسر (أي الفقير) وزوجة أبيه، وعلى إخوته الصغار. اهـ.
واعلم أيها الإبن أن نفقة والديك ليس منة تمن بها أنت وإخوانك عليهما، بل هي باب من أبواب البر فقد قال تعالى: ( وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ) سورة البقرة. فيجب أن توقن بأن ما تنفقه على والديك أحدهما أو كلاهما سوف يوف إليك في الدنيا والأخرة، ولا تنظر إلى إخوانك بروا أم لم يبروا أحسنوا أم لم يحسنوا فكن أنت السباق إلى فعل الخير وإلى البر والإحسان وستجد من الله الخير الكثير في نفسك ومالك وأهلك وولدك.
أحوال وشروط النفقة على الوالدين
يقول الشيخ عطية صقر – رحمه الله تعالى -:-
قال العلماء في مظاهر بِرٍّ الولد بوالديه: لابدَّ من الإنفاق عليهما النّفقة المناسبة من طَعام وكِساء ومَسكن وما إلى ذلك من الضروريات.
-بشرط أن يكون ذلك في وُسْع الولد.
-ولا يضُرُّ به ضَررًا واضحًا.
فإذا استولَى الوالدان على مال ولدهما لحاجتِهما إليه فلا شَيء فيه بشَرط عدم الضَّرر بالولد، كأن يأخذا ما يَزيد على كفايتِهما، ولا يمكِّنانه من أداء التزاماتِه الخاصّة، وإلا كان على الولد أن يُعطيَهما فقط مِقدار الكِفاية، وهو النفقة الواجبة، ويُبقي لنفسه ما يعيش به مع أسرته.
أخرج البيهقي عن قيس بن أبي حازم قال: جاء رجل إلى أبي بكر ـ رضي الله عنه فقال: إنّ أبي يُريد أن يأخذَ مالي كلّه يَجتاحه، أي لا يُبقي منه شيئًا فقال لأبيه: إنّما لك من ماله ما يَكفيك. فقال: يا خَليفة رسول الله، أليس قد قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ “أنت ومالك لأبيك”؟ فقال: نعم، وإنما يَعني بذلك النّفقة. “تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 66”.
والحديث المذكور رواه ابن ماجة عن جابر، ورواه الطبراني عن سمرة وابن مسعود بسند صحيح، جاء في معجم المغني لابن قدامة الحنبلي” ص2″ أن للأبِ دون غيره أن يأخذ من مال ولده ما يَشاء، ويتملّكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها، صغيرًا كان الولد أو كبيرًا، بشرطين: ألا يُجْحِفَ بالابن ولا يضُرُّ به، ولا يأخذ شيئًا تعلّقت به حاجته. وألاّ يأخذَ من مال ولده فيُعطيَه لآخر.
-ولما كان بعض الآباء يتحرّج من أخذ شيء من مال أولاده؛ لأنه مال للغير، جاء النّص الذي يُطيِّب النفس بأخذ ما يحتاج إليه منه، ففي الحديث “إِنَّ أولادَكم من أطيبِ كسبِكم، فكُلوا كَسْب أولادكم” رواه أبو داود وأحمد وابن ماجه، وهو صحيح ذكره السيوطي في “الجامع الصغير” والبغوي في “مصابيح السنة” وابن القيم في “إعلام الموقعين” وفي زاد المعاد “ج 4 ص 164”.انتهى.