يقول فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر – رحمه الله – في كتابه يسألونك..:

ليس هناك ما يمنع شرعًا أن يقوم الرجل بالغناء، ما دام لا يصحب هذا الغناء شيء مُحرَّم، وما دام الغناء نفسه لا يُثير الغرائز إلى معنى خبيث أو اتجاه خاطئ، وقد ثبت أن بعض الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ قد غَنَّى بأبيات في بعض الغزوات، ورددها معه آخرون، والحُداء نوع من الغناء يردِّده الرجل وهو يسوق الإبل حتى يُهوِّن عليها مشقة المسير في الطريق الطويل، ولقد كان لرسول الله ـ ـ مَن يحدو لإبله، واسمه “أنجشة”، وهو الذي قال له الرسول ـ ـ: “يا أنجشة، رِفْقًا بالقوارير”، حينما زاد في حُدائه، فجعل الإبل تسرع بصورة تُتعبُ مَن فوقها مِن النساء.

وغناء الرجل أهون في نظر كثير من الفقهاء من غناء المرأة؛ لأن بعض هؤلاء الفقهاء يرى أن صوت المرأة عورة، والمشهور عند كثير من الفقهاء أن صوت المرأة إنما يكون عورة إذا أحدث فتنةً.

ولقد رُوِيَ في سيرة الفاروق عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه كان في سفر ومعه مَن يُغَنِّي فاستمع إليه، وحينما أراد هذا المغني أن يردد ما لا يليق ترديده مَنَعَه عمرـ رضي الله عنـه ـ من ذلك، وهذا يدل على ما أشرنا إليه وهو أن الغناء الجائز شرعًا هو ما لا يُحرِّض على إثم، ولا يُحبِّب في مُنكر، ولا يدعو إلى رذيلة من الرذائل، وخيرُ ألوان الغناء ما كان نقيًّا عليًّا، يحثُّ على المكارم، ويدعو إلى الفضائل، ولذلك ينبغي للمغني أن يتقي الله في غنائه، وأن يقصد به الإصلاح والخير.