الأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها، منها خمسون حديثًا فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر وهي متواترة بلا شك ولا شُبْهة.
ومن ينكر هذا الأحاديث إنما يخالف أحاديث الرسول ﷺ.
يقول فضيلة الإمام الحافظ أبي الفضل عبد الله الصديق الغُمَّاري من علماء المغرب العربي:
روَى أبو داود وغيره عن المِقدام بن معد يكرب قال: قال رسول الله ﷺ: “لا أعْرِفَنَّ” وفي رواية “لا أَلْفِيَنَّ أحدَكم متكئًا على أريكته، يأتيه الأمرُ مما أمَرْتُ به أو نَهَيْتُ عنه فيقول: لا ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتَّبَعْناه ”
زاد في رواية أخرى:”ألا إني أُوتيتُ القرآنَ ومِثْلَه معه” صدق رسول الله ، فهذا الحديث ينطبق تمام الانطباق على جماعة مبتدعة زعموا ألا يعملوا ولا يعتقدوا إلا ما جاء في القرآن، وكأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى: (وما آتاكم الرسولُ فخذوه وما نهاكم عنه فانْتَهُوا) وقوله تعالى: (وأنْزَلْنا إليك الذِّكْرَ لتُبَيِّنَ للناسِ ما نُزِّلَ إليهم) وقوله تعالى: (مَن يُطِعِ الرسولَ فقد أطاعَ الله).
وقد ظهر قَرْنُ هذه الفئة في عهد الصحابة، إذ ظهر جماعة في ذلك الوقت يُنْكِرون أشياء وردت في السنة ولم تَرِدْ في القرآن، فكان ممن رد عليهم عمران بن حُصين الصحابيّ الجليل، إذ قال لأحد هؤلاء المبتدعة: أخْبِرْني عن عدد ركعات الصلاة في القرآن، وعن تحديد أوقاتها، وعن تحديد مقادير الزكاة، وبيان الأنواع التي تُزَكَّى! فكأنما أُلقِمَ ذلك المبتدعُ حجرًا، أو هداه الله فتاب.
فالنغمة التي تسمعها اليوم من الاقتصار على القرآن ورَدِّ الحديث فتنة قديمة كما بيّنّا، إلا أنها كَثُرَتْ اليوم لضعف الدين وكثرة المارِقين…حديث المهديّ متواتر أيضًا؛ لأنه ورد عن النبيِّ ـ ﷺ ـ من طريق ثلاثين صحابيًّا بأسانيدَ وطرقٍ متعددة مُخَرَّجة في كتب السنة الصحاح والسنن والجوامع والمُصَنَّفات وغيرها.
ونَصَّ على تواتره الحافظُ أبو الحسين السِّجْزِيّ والقرطبيّ صاحب التفسير والحافظ ابن حجر والحافظ السخاويّ وغيرهم.
وألَّف الإمام الشوكانيّ في بيان تواتر حديث المهديّ والدجال ونزول عيسى كتابًا خاصًّا سمَّاه” التوضيح لبيان تواتر حديث المنتظر والدجال والمسيح” أطال فيه وأطاب، وهو كتاب جيد، وقد طُبِع بالهند. وقد نُصَّ على هذا في كتب العقائد المُتداوَلة المشهورة. فالمُنْكِر لهذا مُصادِم للسُّنَّة المتواترة ومُخالِف للإجماع وعاصٍ لله ؛ لأن الله أمر بطاعة نبيه وقَبول قوله ، وهذا المُنْكِر المبتدِع لم يقبل قولَ رسول الله ـ ﷺ ـ المُتَوَاتَرَ المُجْمَعَ عليه إلا إذا كانت معه آية تؤيده ، وتُصَرِّح بمضمونه، وكفى بهذا ابتداعًا في الدين.