مياه المسابح عادة ما تكون كثيرة ، أكثر من قلتين باصطلاح الفقهاء ، وهو ما يعادل مائتي لتر تقريبا ، ومن ثم فهي لا تنجس ولا تحمل الخبث ، فلا حرج من السباحة فيها سواء سبح فيها مسلمون أو غير مسلمين، وإن كانت هذه السباحة مشتركة بين النساء والرجال فلا تجوز بحال وكذلك لو كانت السباحة بين نساء أو رجال يرى بعضهم عورة بعض فلا تجوز أيضا .
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:
قال العلماء : إن غيَّرت النجاسة طعم الماء أو لونَه أو ريحه صار نجسًا ، لا يجوز استعماله في الطهارة إجماعًا ، نقل ذلك ابن المنذر وغيره ، وإن لم تُغيِّر النجاسةُ شيئًا من ذلك ، أي من أوصافه الثلاثة ، فهو طاهر في نفسه ، ومُطهِّر لغيره ، سواء أكان الماء قليلاً أو كثيرًا ، ودليل ذلك حديث : ” الماء طهور لا ينجسه شيء” . رواه أحمد والشافعي وأبو داود والنسائي والترمذي وحسَّنه .
وهذا الحديث جاء عند سؤال الصحابة عن التوضؤ من بئر ( بضاعة ) ، وهي بئر بالمدينة يبلغ عمق الماء فيها نصف قامة الرجل تقريبًا ، من وقف فيها وصل الماء إلى عانته إذا كان الماء كثيرًا ، فإذا نقص وصل الماء إلى ما دون العوْرة ، وكان الماء فيها مُتغيِّرًا .
ومن هنا قال العلماء : لا يضر تغيُّر الماء بما في مَقره ومَمره .
والإمام مالك أخذ بذلك كما أخذ به الحسن البصري والثوري والنخعي وداود الظاهري . وقال الإمام الغزالي : وَدِدْت لو أن مذهب الشافعي في المياه كان كمذهب مالك . ذلك أن الشافعي أخذ بحديث ابن عمر مرفوعًا : ” إذا كان الماء قُلَّتين لم يحمل الخبث ” رواه الخمسة ، وطعن فيه ابن عبد البر .
القُلَّتان بالرَّطل المصري أربعمائة وستة وأربعون رطلًا وثلاث أسباع الرطل [ وهو حوالي مائتي لتر تقريبا ] ، وبالمساحة ذراع وربع ذراع طولًا وعرضًا وعُمقًا بذراع الآدمي المتوسِّط ، وفي المكان المدور كالبئر تكون المساحة ذراعًا عرضًا ، وذراعًا ونصف ذراع عُمقًا ، وثلاثة أذْرع وسُبع ذراع محيطًا ، وفي المكان المثلث ذراعًا ونصفًا ذراع عرضًا ، ومثل ذلك طولاً وذراعَيْن عمقًا (فقه المذاهب الأربعة) .
وبناء على ذلك نقول إن حمامات السباحة لا ينجس ماؤها لأنه يزيد عن القلتين بكثير ، ومن ثم لا ينجس سواء نزلت فيه المرأة أو الرجل ، وسواء نزل فيها مسلم أو غير مسلم.