تكون كفارة اليمين بإطعام عشرة مساكين لكل مسكين وجبتان مشبعتان من غالب طعام من يقوم بالكفارة أو كسوة عشرة مساكين للرجل ثوب، وللمرأة ثوب وخمار، وإذا كان من يقوم بالتكفير لا يجد عشرة مساكين فمن الممكن إعطاء قيمة الوجبات لمسكين واحد، أو لمن يجد من المساكين حسبما ذهب الإمام أبو حنيفة، وإن كان الجمهور على خلاف ذلك .
وتقدير ثمن الكفارة يكون بأن يقدر الإنسان الثمن الذي يشتري به الفقير وجبة كالوجبة التي يأكل منها من يقوم بالتكفير، فإن كان غالب طعام المكفر فولا تكون قيمة الوجبة ما يكفي لشراء وجبة من الفول، بعد ضربها في عشرين وجبة، وإذا كان قوت المكفر فولا مرة، وأرزا ولحما مرة تكون قيمة الوجبة ما يكفي لشراء غالب القوت.
وليس شرطا أن يتم التكفير جملة واحدة، بل يجوز إطعام مسكين واحد كل يوم أو أكثر أو أقل، كما يجوز التكفير في يوم واحد.
هكذا يكون التكفير بالإطعام، والإنسان مخير بين الإطعام ، وبين أن يكفر بكسوة عشرة مساكين… للرجل ثوب، وللمرأة ثوب وخمار.
فإذا كان صاحب الكفارة عاجزا فقيرا عن ذلك فيكفيه أن يصوم ثلاثة أيام عن كل يمين متفرقة، أو متتابعة، والتتابع أفضل.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي:-
المطلوب في الكفارة ـ وفقاً للآية الكريمة ـ إطعام عشرة مساكين . وهذا الإطعام يأتي بواحد من أمور ثلاثة :
1 – إما أن يطعمهم بالفعل بأن يغذيهم ويعيشهم وجبتين كاملتين إلى درجة الشبع من أوسط ما يطعم أهله . كأن يطعمهم مرة أرزاً ولحماً ، ومرة أرزاً فقط . وقال بعض العلماء : يكفي وجبة واحدة ، والأول أولى .
2 – أن يملك كل واحد من العشرة نصف صاع من بر أو تمر ونحوهما . وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين ذكرهم ابن كثير في تفسيره . وقال أبو حنيفة : نصف صاع من بر وصاع كامل من غيره ، مثل صدقة الفطر .
وعن ابن عباس : مد من بر ـ يعني : لكل مسكين ـ ومعه إدامه ، وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين .
ومذهب الشافعي في كفارة اليمين مد ، ولم يعرض للأدام .
ومذهب أحمد : أن الواجب مد من بر أو مدَّان من غيره .
3 – أن يدفع قيمة الطعام إلى المساكين نقداً . وهذا جائز عند أبي حنيفة وأصحابه .
فأي هذه الطرق يتيسر له عمل به .
وإذا كان لابد من ترجيح بين هذه الطرق الثلاث ، فأنا أرجح الطريقة الأولى : طريقة الإطعام المباشر، لأنها أقرب إلى لفظ القرآن الكريم : ( إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم ) المائدة : 89 ولابد من التقيد بالعدد الذي ذكره القرآن وهو العشرة ، فلا يحسن إعطاء طعام العشرة أو قيمته لمسكين واحد ، لأن ذلك مناف لظاهر النص القرآني وإن أجاز ذلك الحنفية . ويلوح لي ـ والله أعلم ـ أن للشارع حكمة في كثرة عدد المساكين في الكفارات ، حتى بلغ في بعضها ستين مسكينا ، وإعطاء الطعام المفروض لواحد من العشرة أو الستين مخل بهذه الحكمة ، فإن لم يكن في البلد إلا أقل من عشرة فحينئذ يجوز إعطاؤهم ، رعاية للضرورة ، ورفعاً للحرج .