الإنسان مسيَّر في أشياء ومخيَّر في أشياء يعني هناك أشياء الإنسان فيها مسيَّر ليس له فيها إرادة، ما يتعلق بالنظام الكوني العام من حوله، أنا لست الذي يسير الأمور أو يكوّر النهار على الليل أو يخرج الشمس أو يطلع القمر أو يجري المياه في البحار، هذه الأشياء تجري بأقدار يعني على الإنسان ولا دخل للإنسان فيها، حينما كسفت الشمس في عهد النبي ﷺ، وقال بعض الناس أنها انكسفت لموت ابن النبي عليه السلام، قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تنكسفان لموت أحد ولا لحياته، فهي من آيات الله، (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون * والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم * والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم).. إلى آخره، ما في الكون لا يستطيع الإنسان أمامها شيئاً، أيضاً هناك أشياء تتعلق بالإنسان وليس له دخل فيها كوني ولدت من أبوين مصريين مثلا ولدت في مصر وفي قرية كذا في مديرية كذا وكوني ولدت في الزمن الفلاني في سنة ستة وعشرين وكوني أبيض أو أسود، طويلاً أو قصيراً، ذكياً أو غبياً يعني هذه الأشياء أنا ليس لي علاقة بها أيضاً يعني لا أُسأل لماذا كنت مصرياً مثلا لأني لم أجعل نفسي مصرياً، لماذا كنت بطول كذا، لا يسأل الإنسان لا عن ذكائه ولا عن غبائه ولا عن طوله ولا عن قصره فكل هذه الأشياء الإنسان فيها مسيَّر أي هي مقدرة عليه.
في النظام الكوني العام الإنسان مسيَّر وفي بعض أعماله هو مسيَّر مثل ما أختير له من لون ومن طول ومن قصر ومن ذكاء ومن غباء ومن..إلخ، بل بعض أعمال الإنسان نفسها، يعني الإنسان مثلاً يأكل باختياره إنما بعد ذلك عمل الجهاز الهضمي ليس باختياره يعني تشتغل المعدة بدون اختيارك، الجهاز الدموي الأوعية الدموية والقلب وتدفقات الشرايين ليس لك فيها أيضاً اختيار الجهاز التنفسي.. كل هذه الأشياء ليس للإنسان فيها اختيار هناك الإنسان الشيء المخيَّر فيه ما نسميه الأعمال الاختيارية التي يعملها الإنسان بإرادته يفكر فيها ويختارها وينفذها، الله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان عقلاً به يفكر وإرادة بها يرجّح وقدرة بها ينفّذ فهذه الأعمال مثل الإنسان يصلي أو يزكي أو يكتب أو يقرأ أو يعمل خلاف ذلك يشتم يسب يشرب الخمر يعني الأعمال الصالحات والأعمال السيئات هذه هي الأعمال الاختيارية التي يحاسَب عليها الإنسان لأنها صادرة عن علم منه وعن إرادة واختيار و قدرة.