اختلف الفقهاء في وجوب الغسل من المني بعد الاغتسال إن كان المني تابعا للأول، فالشافعية والحنابلة يرون أن الغسل من نزول المني بعد الاغتسال غير واجب، وأوجبه الأحناف والمالكية في بعض الحالات دون بعض .
جاء في المنثور من القواعد الفقهية لبدر الدين بن محمد بن بهادر الزركشي:
من اغتسل من الجماع بعد ما قضى شهوته ثم خرج منه مني بعد الغسل فإنه يجب عليه إعادة الغسل ; لأن الخارج منيه ، أو بالنسبة المرأة منيها ومني الرجل ; لأن الظاهر اختلاطه مع أن الأصل عدم ذلك ، فالقياس عدم الوجوب ; ولهذا قال في الوسيط هذا يدل على أن للظن أثرا يعني في نقض الطهارة .
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية:
اختلف الفقهاء في إيجاب الغسل في حالة خروج المني بعد الاغتسال . فذهب الحنفية إلى أنه إذا اغتسل ثم خرج المني ، فإن كان خروجه بعد النوم أو البول أو المشي الكثير فلا غسل عليه اتفاقا ، وإن خرج المني بلا شهوة قبل النوم أو البول أو المشي فإنه يعيد الغسل عند أبي حنيفة ومحمد خلافا لأبي يوسف .
وذهب المالكية إلى أنه إن كانت اللذة ناشئة عن غير جماع ، بل بملاعبة ، فيجب إعادة الغسل عند خروج المني ولو اغتسل قبل خروجه ; لأن غسله لم يصادف محلا ، وإن كانت اللذة ناشئة عن جماع ، بأن غيب الحشفة ولم ينزل ، ثم اغتسل ثم أمنى ، فلا غسل عليه ; لأن الجنابة لا يتكرر غسلها ، ولكن يتوضأ .
– وقال الشافعية : إذا أمنى واغتسل ثم خرج منه مني على القرب بعد غسله لزمه الغسل ثانيا ، سواء كان ذلك قبل أن يبول بعد المني أو بعد بوله ، لقول النبي ﷺ : { إنما الماء من الماء } ، ولم يفرق ; ولأنه نوع حدث فنقض مطلقا ، كالبول والجماع وسائر الأحداث .
وذهب الحنابلة إلى أنه إذا خرج المني بعد الغسل فلا يجب الغسل ثانيا ، لما روى سعيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن الجنب يخرج منه الشيء بعد الغسل ؟ قال : يتوضأ ، وكذا ذكره أحمد عن علي رضي الله عنه ; ولأنه مني واحد فأوجب غسلا واحدا كما لو خرج دفقة واحدة ; ولأنه خارج لغير شهوة أشبه الخارج لبرد ، وبه علل أحمد ، قال لأن الشهوة ماضية ، وإنما هو حدث أرجو أن يجزيه الوضوء .