يقول فضيلة الشيخ عطية صقر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:
معلوم أن النذر إذا كان في طاعة للّه وجب الوفاء به كما قال تعالى :(وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) الحج : 29 وكما قال النبي ﷺ فيما رواه الشيخان “من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه
ومن نذر صيام أيام معينة ثم عجز عن الصوم لمرض ، فإن كان مرضه لا يرجى برؤه وجب أن يكفر عن هذا النذر الذي حنث فيه ، وذلك بكفارة الحنث في اليمين ، وهى إطعام عشرة مساكين بما يكفى غداءهم وعشاءهم أو كسوتهم ، فإن عجز عن ذلك صام ثلاثة أيام لا يشترط فيها التتابع .
أما إن كان مرضه يرجى شفاؤه فالصوم متعلق بذمته حتى يبرأ من المرض ويصوم ، فإن مات كان حكمه حكم من مات وعليه صيام رمضان، فذهب جماعة إلى الصيام عنه كما نص الحديث المتفق عليه ، وذهب آخرون إلى الإطعام ، لحديث رواه عبد الرزاق “لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم”
وفى نيل الأوطار للشوكانى “ج 8 ص 56” جاء في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر أن النبي ﷺ قال “كفارة النذر كفارة يمين” وجاء في رواية غير مسلم “كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين” وجاء في سنن أبى داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال “من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا في معصية فكفارته كفارة يمين . ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين ، ومن نذر نذرا أطاقه فليف به ” وهذا الحديث قال عنه النقاد : إن الأصح أنه موقوف على ابن عباس، وليس مرفوعا إلى النبي ﷺ ورواه ابن ماجه ، وفى إسناد ابن ماجة من لا يعتمد عليه .
ومهما يكن من شيء فإن النووي قال في الحديث الأول – اختلف العلماء فى المراد بهذا الحديث . فحمله جمهور أصحابنا على نذر اللجاج فهو مخير بين الوفاء بالنذر أو الكفارة وحمله مالك والأكثرون على النذر المطلق ، كقوله “علىَّ نذر” وحمله جماعة من فقهاء الحديث على جميع أنواع النذور وقالوا : هو مخيَّر في جميع أنواع المنذورات بين الوفاء بما التزم وبين كفارة اليمين . انتهى يقول الشوكاني : والظاهر اختصاص الحديث بالنذر الذي لم يسم . وأما النذور المسماة إن كانت طاعة فإن كانت غير مقدورة ففيها كفارة يمين ، وإن كانت مقدورة وجب الوفاء بها، سواء كانت متعلقة بالبدن أو المال .
انتهى .
وبناء على هذا كان للعاجز عن الوفاء بنذر ختم القرآن كل أسبوع أن يخرج كفارة الحنث في اليمين ، وننبه إلى أن بعض العلماء كره النذر الذي فيه إلزام بطاعة غير واجبة فقد يعجز عنها ويخشى العاقبة ، وبخاصة نذر المجازاة الذي يكون على مقابل ، فهو أشبه بالمتاجرة.